ما حكاية الإعلام البريطاني مع الطالبة المصرية "صفر"؟

5 صور

الطالبة المصرية «مريم ملاك» أو الطالبة «صفر»، كما يطلقون عليها، هي نموذج للبنت الشابة التي تشعر بالغبن والقهر وتحاول الحصول على حقها بإصرار وعناد، وهذا ما يجعلها تفتح باباً كلما أُوصد في وجهها باب، وربما تكون هذه واحدة من الأسباب التي جعلت منها قضية رأي عام في مصر ومثار اهتمام الصحافة والبرامج الحوارية، وحتى رئاسة الوزراء المصرية، ثم تخطت شهرتها بعد ذلك حدود مصر، وصارت موضوعاً تناقلته وكالة الأنباء الفرنسية، والبي بي سي البريطانية، وأيضاً صحف The Guardian وDaily Mail، وغيرها. فمن هي الطالبة «صفر»؟

النتيجة الصادمة
تبدأ الحكاية بظهور نتائج الثانوية العامة المصرية لهذا العام، وحصول الطالبة الصعيدية المتفوقة مريم ملاك، التي تعيش في قرية تابعة لمحافظة المنيا وتحلم بأن تكون طبيبة، على مجموع (صفر) في سبعة امتحانات! وربما سيكون الأمر مقبولاً لو أن الطالبة غير متفوقة ولم تحصل على 97% في السنتين السابقتين، ولكن هذه النتيجة كانت بمثابة صدمة أدخلت الفتاة السمراء الهادئة في حالة نفسية صعبة، حيث تقول مريم: «أشعر أنني في كابوس ولا أفهم ما يحدث لي، وعندما رأيت أوراق الإجابة المنسوبة لي، لم أصدق عيني، فكل ما فيها بضعة أسطر منقولة، في حين أنني لم أكن أتوقف عن الكتابة صفحة بعد أخرى». ولم تتردد الطالبة في تقديم شكوى إلى محافظتها، مؤكدة أن أوراق إجاباتها قد استبدلت مع أوراق طالب آخر، ربما يكون ابن شخصٍ متنفذ، وبالفعل أعادوا تصحيح أوراقها، وكانت النتيجة صفراً أيضاً، مما دعاها إلى السفر إلى العاصمة مع شقيقها الطبيب «مينا»؛ من أجل عرض شكواها على المسؤولين.

في القاهرة كانت المفاجأة أكبر
وفي القاهرة كانت مفاجأة أكبر بانتظارها، بعد أن قام خبراء الطب الشرعي بفحص خط يدها في ورقة الامتحان، وجاءت النتيجة مطابقة مائة بالمائة، وكان الخبر كفيلاً بإدخالها في غيبوبة قصيرة، وما إن خرجت من المستشفى حتى كانت ضيفة على أحد البرامج التلفزيونية الشهيرة، وكان منظرها مؤلماً وهي تبكي، وقاعدة أنبوب المحاليل الطبية لا يزال مغروزاً في يدها. وبعدها فتحت النيابة العامة تحقيقاً جديداً، وتم استكتابها خمس مرات، وباليد اليمنى واليسرى، وأكدت اللجنة المكونة من 13 خبيراً بأن أوراق الإجابات تخصها هي دون غيرها! ولكن مريم لم تستسلم وطعنت مجدداً في قرار النيابة، مطالبة بإعادة فتح التحقيق، ومؤكدة مرة أخرى أن إجاباتها صحيحة، وأنها لا يمكن أن تحصل على «درجة ونصف» في اللغة العربية، و«صفر» في بقية المواد.

الإعلام البريطاني يثير القضية
واستمرت ملاك في المشاركة في البرامج الحوارية الجماهيرية، وخضعت لامتحان على الهواء، كان كفيلاً في إكسابها مزيداً من التعاطف، بعد أن كانت إجاباتها الارتجالية مرضية ولا تستحق الصفر، وأطلق بعض المصريين المتعاطفين «هاشتاغ» على تويتر بعنوان «#أنا_أصدق_مريم_ملاك»، الذي انتشر وحصل على عشرات الآلاف من الأصوات، ودخل الفنان محمد صبحي على الخط وتكفل بمصاريف دراستها في الخارج لو شاءت، وخاطبها قائلاً: «لا تفقدي ثقتك في نفسك ولا تغضبي من مصر، لكن اغضبي من أشخاص، وستحصلين على كافة حقوقك، ولو كان تعليمك خارج مصر فسيكون على حسابي». أما صحيفة The Guardian البريطانية، فقد نشرت مقالاً روت فيه قصة مريم، واعتبرت حالتها رمزاً لمحاربة الفساد في مصر، وحصل المقال على أكثر من 350 تعليقاً يتعاطف مع الفتاة، وشاركتها صحيفة daily mail هذه الرؤية، مؤكدة أن المحسوبية والرشاوى هي التي أوصلت هذه الشابة إلى ما وصلت إليه، وقد حظي المقال بأكثر من 200 تعليق و2500 مشاركة، وقالت مريم في حديثها للإعلام البريطاني: «إذا احترمت حقوقي في بلدي، فإن كل المظلومين سيدافعون عن حقوقهم أيضاً».