أهنئك
يا سيدي تهنئة من الأعماق، فقد نجحت خططك منذ البداية وحتى النهاية، نجحت بأسلوبك القاسي وردَّات فعلك الفاترة وتجاهلك ولامبالاتك في التعامل معي في أن أبتعد عنك روحًا وفكرًا، فبعد أن كنت أحيا راضية عن حالي تلاطمني الأيام وألاطمها وأحتمل غربة نفسي وحرماني من الشعور بالدفء، ظهرت أنت في حياتي من دون موعد سابق، اقتربت مني ولم أكن أدري ما تخبئه لي الأيام معك أو حتى ما تخبئه أنت لي.. وخططت في البداية واقتحمت حياتي بكل رقي وترفع وحنو ورقّة، وتمكنت من الوصول إلى قلبي وعقلي ومشاعري بكل الطرق المباشرة وغير المباشرة، المعقولة واللامعقولة.. وجذبتني إليك بحسن خلقك وأدبك وإظهار صدقك وحبك وعاهدت ووعدت، وكم من المرَّات حاولت اختبارك ووضعت العراقيل والأشواك في طريق هذا الحب، لكن كل الأمور ذللتها ورسمت الحياة الورديَّة التي ستجعلني أحياها معك.. وبالتالي أنا صدقت، لكن ما الذي حدث وقلَبَ كيانك فجأة، هل كان هناك خلل في عواطفك وليس في ظروفك كما تدعي؟ فقد قررت بكل حكمة أن تنسحب من حياتي من دون أن تشعرني بظلمك، وحاولت أن تشرح بصورة غير مباشرة أنَّك كنت مندفعًا ومتلهفًا وقررت أن تمنحني الفرصة وتجعلني أنا من ألفظك من حياتي كنوع من التعويض النفسي والمعنوي ونجحت أيضًا نجاحًا باهرًا.. لم أشك لحظة بيني وبين نفسي أني قد وقعت في فخ الاستنزاف العاطفي، لم أتصورك أبدا رجلاً ذا نزوات، لم أكن أتخيَّل أن هدفك كان التقرب مني ومعرفتي، وعندما اقتربت اكتفيت وأشبعت النقص الذي بداخلك وبدأت بعدها تتهرب وتتلمس الأعذار المقبولة وغير المقبولة، الأعذار التي كانت تدميني وتشعرني بدنو نهاية أجمل وأروع إحساس عشته في حياتي، كنت أتمنى أن تواجهني وأن تبتعد عني من دون أن تسبب لي أي جرح، فمن كان في مثل عطائك لا أتوقع منه الغدر.. أهنئك يا سيدي تهنئة خاصة على براعتك في التنصُّل من كل الوعود والعهود التي قطعتها لي. أهنئك على تعليقك كل ما حدث على شماعتي التي تحملت منك الكثير. أهنئك على تصديقك لذاتك بأنَّ الظروف هي سبب ما نحن فيه وما وصلنا إليه.. اطمئن إذا كان كل ما تدعيه راحة لضميرك، فهو كذلك، فأنا لم يعد يهمني مَنْ السبب، أنا أم أنت، شماعتي أم شماعتك، ظروفك أم ظروفي، فكل الأسباب سيان لديَّ؛ لأنَّ النتيجة واحدة.. صدقني بأن خطتك كانت في صالحي، فإدماني على حبِّك كان لا يمكن أن أتخلص منه إلا بخطة محكمة صارمة قاسية جافة متقنة من ممثل بارع مثلك، فكم دعوت ربي ليلاً ونهارًا أن يكرمني بنسيانك واستجاب سبحانه لدعائي، فقد كنت معتقدة بأنَّ بُعدك عني يعني نهايتي فلا قيمة لحياتي من دون وجودك فيها، خسارتك كانت تعني خسارتي لذاتي، فقد كنت تملأ كل مسامي وتمتلك كل ذرة في كياني، وكنت واهمة بأني لن أعوضك بأي كائن كان؛ لأنه لا يوجد في نظري وتفكيري وعقلي وقلبي غيرك؛ كنت أمسي ويومي وغدي، فأشكرك في البداية على جهودك المقصودة لتجعلني أحبك وأشكرك في النهاية لمساعدتك غير المقصودة لنسيانك.
أنين امرأة
سيدتي.. تريدين الحقيقة؟ آآه ما أبـشع الحقيقة عندما يصبح الحبُّ صعبًا تحقيقه والصدق لا يمكن تصديقه.. والوفاء تائهًا.. أضاع طريقه، والكذب بطلاً.. شاع بريقه.. والحق خيالاً.. محالٌ تطبيقه.. والخداع رائجًا تسويقه.. والجـُرم سهلاً تلفيقه.. والنفاقُ سهلاً تنميقه.. والغدر شيم القلوب العشيقة.. والغراب يفاخر.. بنعيقه.. والورد يبكي رحيقه.. إنها الحقيقة (القلب الأبيض).