اصمتي فأنتِ مطلقة

أميمة عبد العزيز زاهد


لماذا تشير أصابع الاتهام إلى المرأة المطلقة؟، ولماذا تحاط دائمًا بهالة من الإشاعات والأقاويل؟ ولما تحسب عليها تصرفاتها وحركاتها وسكناتها؟، إن أي امرأة في هذا العالم إذا لم تحمٍ نفسها وتحارب الافتراءات التي تعترضها وتتصدى لها بدينها ومبادئها، وبسلوكها وأخلاقها، فلن تجد من يحميها ويشفع أو يغفر لها أخطاءها، فلماذا تتردد وتخاف؟، وممن مادامت لا تفعل ما يغضب الله؟
إن بعض الناس تستكثر على المرأة المطلقة السعادة لو وجدتها مرة أخرى، تلك العينة لها عيون لا ترى إلا المظاهر، بداخلهم قلوب تحقد وعقول تحاسب وتتلاعب بهموم الآخرين، لأن نظرتهم غير منطقية ولا واقعية، تفكيرهم ظالم وليس عادلاً، فئة إحساسها قاسٍ من غير رحمة، منحت لنفسها الحق في محاسبتها والحكم عليها ونصَّبت نفسها وصية عليها، فهي من وجهة نظرهم أن المطلقة ليست حرة نفسها، حتى داخل بيتها عليها قيود لا يمكن أن تتعداها، لأنها لا تعيش تحت سلطة رجل، وإنما تحت سلطة المجتمع ويا ليتهم يعلمون بأنها تعيش تحت رحمة خالقها، ويفهمون أنها بشر وليست سمكة سهلة الصيد في زمن كثر فيه الصيادون البارعون... بل هي إنسانة تألمت في حياتها، ولم تنل حظها من السعادة ولديها القدرة على عدم الجري وراء أي سراب أو وهم.
فلماذا الظن؟ والظلم؟ والشماتة والتهكم؟ أمطلوب من أي مطلقة أن تقدم كشف حساب عن سبب فشلها، وإذا لم تفعل بدأوا بتوجيه الاتهامات... فبالتأكيد أنها امرأة لا تعاشر ولا تطاق، أو أنها امرأة سيئة المعشر، أو أنها غير اجتماعية ولا تفهم في أصول البروتوكول، أو أنها غير متعلمة وجاهلة بأمور الحياة، أو أنها جاحدة وناقمة؟ وفي كل الأحوال، ولأي سبب من الأسباب لن يوضع اسمها ضمن قائمة بنات الرجال، لأنها لم تتحمل ولم تصبر ولم تضحِ. التضحية ما أسهله من لفظ، ولكن من منكم يا معشر الرجال قد نفذ هذه التضحية في حياة يرفضها ويستحيل العيش فيها ولو فعل ذلك فبالتأكيد، لأنه يعيش حياة أخرى، وهذا ما لا تستطيع المرأة فعله مع حياة ترفضها.
إن الزواج ارتباط بالعقل والشخصية، وليس حياة كل طرف يعيش في واد بعيد عن الآخر، الزواج عطاء بين اثنين وليس استيلاء على كل شيء، إن الله خلق المرأة والرجل ليكمل كل منهما الآخر فإذا لم تنجح الزوجة في أن تجعل زوجها معها بعقله وفكره وقلبه وكيانه، وفشلت في ذلك أترضى أن تعيش على هامش الحياة مسلوبة الإرادة، حتى لا يقول عنها المجتمع إنها امرأة مطلقة؟
أنين مطلقة 
أين هو الإنسان الذي أطلب منه أن يقف بجانبي لخوف اعتراني ويقبل علي لشوق كواني، ويحميني ويهامسني ويلاطفني ويناقشني، ويشاركني لحظات سعادتي وشقائي وفشلي ونجاحي، كل ما أطلبه هو إنسان بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.