الطلاق التعسفي 2

أميمة عبد العزيز زاهد

 

عودة للمقال للسابق.. هل الطلاق المزاجي من حق الزوج وقتما شاء فجأة وبلا مقدمات، ولا حتى مبررات؟ وهل على الزوجة أن ترضخ للطلاق بدون سبب معلن، وتستسلم لقدرها دون أن يكون لها الحق في أن تعرف حتى السبب؟ 
مع الأسف هناك قصص قاسية نسجت تفاصيلها صدمة الطلاق التعسفي والمفاجئ، منها: ما أخبرتني به إحدى الزوجات فقالت: رغم قصر حياتي الزوجية، إلا أنني تذوقت فيها السعادة؛ فقد كنت أحلم بمن يملك فؤادي ويملأ دنيتي، وأن يكون حبه جواز مرور لأحلامي كي تتحقق، وبالفعل شعرت بأنه الرجل الذي سأكمل معه حياتي، ولكن مع الألم لم تستمر سعادتي طويلاً؛ فبعد أشهر قليلة، فقدت إحساسي بالأمان، عندما بدأ زوجي يكثر الخروج من المنزل، وأحيانًا ينام خارجه، وشعرت بالخوف عليه؛ خاصة أنه لا يرد على اتصالاتي ولا رسائلي ولا حتى على تليفون العمل، ولم يمنحني فرصة معرفة السبب وراء تصرفاته الغريبة؛ حتى بدأت أتعود على غيابه، وكم حاولت ألا أصعّد الموضوع، وتكلمت مع والدته التي أخبرتني بأنها لا تحب التدخل في خصوصيات أبنائها؛ حتى والدي حاول الاتصال به، لم يخبره بشيء، ويكتفي بأن يخبره بأن كل شيء على ما يرام، ولا توجد أية مشاكل، ولكن في تلك المرة تجاوز غيابه أكثر من أسبوع، وانتابني القلق من أن يكون قد حدث له مكروه، وعلمت من أهله بعد محاولات مني وتردد منهم، بأنه على ما يرام، وبعد أيام قليلة وبدون إبداء الأسباب، أرسل ورقة طلاقي التي استلمتها بدموع الإحساس بالقهر والظلم، وأصبت بانهيار عصبي، ومازلت أعاني من تصرفه الذي لا أعلم عنه أي شيء، حاولت ولكنه تعمد ألا يراني أو يتحدث إليّ، كانت هناك أسئلة يهمني أن أطرحها عليه لأعرف إجابتها منه شخصيًا، لماذا لم يواجهني بعدم رغبته في الاستمرار معي؟ ولماذا طلقني دون علمي؟ وما هو الذنب الذي اقترفته.. كان من حقي أن أكون أول من يعرف قراره، ولكنني في النهاية استسلمت وحاولت بعدها ألا أستهلك طاقتي في التفكير وسأتقبل واقعي، أعرف أن ذلك سيكون صعبًا في البداية، ولكن بالتدريب سأعتاد على الوضع الجديد، ولن أستغرق في الشعور بالندم أو اللوم، ولن أرهق مشاعري وأحاسيسي؛ لأنني لن أستطيع أن أغير ما حدث. 
مع الأسف، إن الزوج الذي ينزل من قطار الحياة في أية محطة من محطاته دون إبداء الأسباب، يمثل صدمة عنيفة لأية زوجة؛ فالطلاق وانهيار بيت وتصدع كيان أسرة وتشتت أطفالها، كلها جرائم لا يعاقب عليها القانون، وهناك الكثير ممن لا يعلمون حدود وقوع الطلاق من عدمه، وكم حذر الشرع من هذا السلوك غير السوي، والذي ينم عن شخصية ضعيفة لا تمتلك منطقًا مقنعًا لتسيير حياتها إلا بالهروب، وأحيانًا بالتهديد بالطلاق، كل تلك التصرفات تنم عن عدم الخوف من الله، يصاحبها قلة وعي ديني وثقافي واجتماعي.