مقاطعة الذكريات

محمد فهد الحارثي

 

هل وصلنا إلى نقطة الافتراق؟ هل نعلن الهزيمة ونسدل الستار؟ لماذا أصبح الصمت يسيطر على الكلام، ولماذا نسكت ونحن نعرف ما يجب أن يقال؟ أترقب عينيك وأبحث عن ذاك الوهج، فتغيب الصورة وتبقى التساؤلات. أتلهف للكلمات، فأسمع الحروف بينما تتوارى معاني العبارات. يا لصعوبة أن تصطدم الأحلام بقسوة الواقع. ويا لرهافة مشاعرنا حينما تصر على رفض الواقع وتهرب لتحتضن عالم الخيالات. هل كتب عليّ أن أعيش مع الماضي لأتقبل الحاضر؟ وهل الرحيل يجدي؟ الماضي رغم جماله يتهاوى أمام سطوة الحاضر. أستعيد الكلمات فأبتسم. لم تكن كبقية الكلمات، كانت ألحاناً تعزفها مشاعر إنسان. أتذكر العينين، كانت حناناً تقوله النظرات. كان الكون يشكّل أبعاده في حضورك فتختلف المساحات. أحتار مع نفسي، حينما أكتشف أنني أستمع إليك، وفي الحقيقة أنني أسمع الصمت وأسرح مع كلمات الأمس. هل يتخيّل أحد أنني أّقلب الأوراق التي كتبتها أنت يوماً، ومازالت الذاكرة تحفظها قبل أن يحفظها الورق. وفي أدراجي مازلت أحتفظ بالعطور القديمة لأشتمّ رائحتك، وأستعيد عبيرك ولحظات الفرح. ربما جمال الماضي يظلم الحاضر. أتعلّم كيف يتمسك الإنسان بالحياة، كيف يتعلق الغريق بحبل النجاة... هذا حالي، ولا أدري هل ما أتمسك به هو الإنسان؟ أم هي صورة تعطي شرعية لشريط الذكريات؟ أحتاج إليك. وأحلم بك. وأتلهف عليك. مازال الأمل أن المسافات وهم، وأن ما بيننا أهم وأكبر، وأن المشاعر ربما تحجبها السحب، لكن مع أول إطلالة شمس تترك السحب أيدي بعضها البعض، لتعطي مساحة للشعاع. وأنا مازلت أنتظر شمسك في سمائي. فتلبّد السحب أشعرني ببرودة الحياة، أحتاج أن أتدفأ. أحتاج أن أعيش الحياة.

اليوم الثامن:
الحياة تصبح جافة ومملة إذا فقدنا الشخص الذي نحلم
وتصبح قاسية وصعبة إذا حصلنا عليه وسقط الحلم.