mena-gmtdmp

البحث عن الحب

أميمة عبد العزيز زاهد
لقد تعبت من كثرة اصطدامي مع نفسي للحصول على أقل قدر ممكن من السعادة، ومللت من مواجهتها، وما الذي تريده، وما هدفها الذي تود تحقيقه، وما الضغوط التي تصادفها؛ لأخفف عنها، وإلا لماذا هذا التخبط والحيرة! وهل أنا بحاجة إلى ترويض عقلي وقلبي وأنوثتي وعواطفي أم عليّ الاعتراف بأني أعاني من جفاف داخلي مزمن؟ صعب علاجه. كأن نفسي قد فصلت عن قلبي، وتبرأت من أحاسيسي ومشاعري للأبد ... كل كياني يغوص بعيداً عن عواطفي، وما عدت أحس إلا بجسد يعيش داخل قمم كمارد سجين في زجاجة تسبح في قرار بحر عميق، حتى بلغت نفسيتي من العمر أرذله، فأصابتني الشيخوخة في غير مقتل قبل أواني. والعمر يجري دون أن أحقق سعادتي، وفي نفس الوقت كبريائي لا يسمح لي بأن أندب حظي الكئيب، ولا أن أستعجل فرحتي المؤجلة لأجل غير مسمى، ودائماً في أصعب مواقف تمر في حياتي وأهم لحظة في اتخاذي لقراراتي أشعر بنفسي وحيدة، لحظة مريرة أواجه فيها نفسي لأصل إلى حـل؛ لأنه لا يمكن لأي شخص مهما كان قربه مني أن يفهمني أو يشعر بالصراع الذي بداخلي، ولن يحس بثقل آلامي، ولا يعرف ما تعنيه الوحدة بالنسبة لي. الوحدة هي التي تساعدني علي أن أصادق ذاتي وأصارحها، فأنا بحاجة إلى الخلوة مع نفسي؛ لأجمع ما تناثر من أوراق أيامي، ولأبكي وأتألم دون أن يراني أحــد، كما وأني لا أريد أن أمني نفسي بالوصول إلى الماء؛ لأني دائماً عندما ألمسه أجده سراباً، فقد كانت أقصى أمنياتي أن أجد من يستعمر كل كياني استعماراً إرادياً ذاتياً جميلاً ورائعاً؛ استعماراً يوافق طباعي؛ استعماراً لا استقلال بعده، ولا مشاحنات فيه ولا نكد، أريد الاحتلال الشامل لكل ما أملك من أحاسيس، وبرغبتي التامة باحتلالي احتلالاً كاملاً دون تجزئة لكياني، ولا لعيوبي أو حسناتي، ودون تنازل لمبادئي وقراراتي، أو مساومة لعواطفي ورغباتي، ولكن ماذا أفعل في زمن المصالح المتبادلة والقلوب المتغيرة، والعقول المتآمرة، والنفوس المتحجرة، والعيون الشاخصة. فكم تمنيت أن يزور الحب قلبي الحزين، الذي عانى من كثرة الأنين في انتظار ولهفة للحنين، فأحاسيسي المدفونة تحتاج إلى كيان ينتشلها، ويد حانية تظهرها، وتلمس مكامن الشجن فيها.  فكيف لمثلي أن تشعر بالراحة، وكيف لي أن أرسو بسفينتي على بر الأمان، وأنا محاصرة بصخور وشعب! وكلما أبحرت لأنقذ نفسي تشدني دوامة جديدة لقرار أعمق من ذي قبل. حاولت أن أسبح ضد التيار، ولكني تعبت، أو بالأحرى يئست، ففشلت، ووجدت في النهاية أن أمنياتي ما هي إلا أمنيات إنسانة عاجزة عن الشعور بالحب. أنين امرأة إن أحلى ما في الحب هو الخيال، وأصعب ما فيه الواقع. الواقع الذي نعيش فيه، وقد يكون مؤلماً، ولكن ألمه يعيد إلينا جمال الحياة من جديد، ولكن ستبقى الحقيقة كما هي، وستظل الأحلام مجرد أحلام.