صمام الأمان 2

أميمة عبد العزيز زاهد


عودة للمقال السابق، عندما تصبح العلاقة الزوجية معطلة، ولا يسودها جو الحوار، ستتأثر العلاقة الحميمة بين الزوجين، وهي من أكثر الأمور تدميرًا للحياة الزوجية، وسيؤثر ذلك على علاقتهما بمن حولهما، فيحجمون عن إقامة علاقات اجتماعية خارج المنزل؛ لأنهم يفتقدون هذه العلاقة داخله، لذلك هم غير قادرين على صنعها في الخارج.
ومهما عظمت المشكلة، ومهما استفحل تعطيل الحوار بين الزوجين، هناك دائمًا أمل في الإصلاح، ويتطلب ذلك أمرين: الأول الرغبة بتغيير الوضعن والانتقال لوضع أفضل يسوده جو الحوار الهادف، والثاني الإرادة والعزيمة وعدم التراجع أمام أي فشل في المحاولة. 
يجب أن يتعلم الزوجان فن الحوار واختيار أفضل الأوقات، مع مراعاة الحالة النفسية لكل منهما، ومن الضروري أن يفسح كل طرف المجال للطرف الثاني؛ ليتمكن من التعبير عن أفكاره بشكل جيد، ويتمكن من إيضاح رأيه، وأن لا يكون هدف الحوار هو كسب النقاط، وإثبات أنه الأحق وأنه على صواب كامل، بل هدف الحوار من أجل الاطلاع على الأفكار للزوجين، واستخلاص الأفكار الجيدة من كليهما، وصوغها على شكل قرار وحل لمشاكلهما 
وعلى كل طرف أن يحسن الحديث ويستمع للطرف الثاني، مهما كان نوع الحوار فلا بد أن يسوده الاحترام والمحبة، وعدم الخروج عن احترام الآخر؛ لأن التقليل من قدر ومكانة المستمع، والنطق بكلام جارح سيفقد الحوار هدفه السامي، ويصبح ضارًا لكلا الزوجين، الصراحة في الحوار أمر مهم جدًا، بل هي أساس الحوار، ولكن أن تكون صريحًا صراحة هادفة، هذا أمر وأن تتحول الصراحة إلى وقاحة هذا أمر آخر، فالحقيقة أحيانًا تكون قاسية لذلك فهي تتطلب اللباقة وحسن السلوك للإفصاح عنها، ولنضمن عدم تجريح الطرف الثاني ونعطي أنفسنا مهلة للتفكير بالأمر، إن شعرنا أن وتيرة الحوار بدأت بالارتفاع قد تصل إلى مرحلة الخلاف والمشاجرة، فعلينا أن نخفف من مستوى الحوار بالتجاوب قدر الإمكان أو تأجيله، حتى تهدأ النفوس، ونتابعه في وقت لاحق لا يكون مشحونًا بالعصبية، وعند ثبات الخطأ على أحد الطرفين يجب المبادرة بالاعتراف به، والاعتذار عنه، ومحاولة علاجه، وهذا سيريح الطرف الثاني ويجعله مقتنعاً بفائدة الحوار على صنع حياة سعيدة. 
علينا أن نبحث عن صياغة جديدة موجهة ومرشدة، بوصفها صمام الأمان ضد أي خلل في العلاقة، وهدفنا الأكيد حاجتنا إلى شراكة عقلية بيننا وبين أبنائنا؛ للخروج من حيز الجهل بالحقوق والواجبات والتلقي والتلقين، إلى فضاء المشاركة والتعبير وتحديد المسئولية الملقاة على كل طرف، وأن نتلمس حاجة المجتمع إلى مشروع يعيد للزواج قدسيته، وللطلاق هيبته، بالفعل نحتاج إلى منظومة اجتماعية متكاملة، تتعاون في إعادة التربية الدينية وزرع الخوف من الله، والالتزام وتحمل المسؤولية، مرورًا بكيفية الاختيار السليم وحقوق كل من المرأة والرجل.