علاقة شبه معطلة

أميمة عبد العزيز زاهد



الإنسان الطبيعي يولد على الفطرة، ويعرف بأن حياته لا تكتمل إلا في إطار زواج مستقر متوافق في أغلب الجوانب، وفي عالمنا بالتأكيد توجد علاقات زوجية ناجحة وسعيدة، والأمر ليس سهلاً ولكنه ليس معقداً، والحياة الزوجية تستحق أن يبذل فيها الزوجان الجهد والوقت لإنجاحها، ولكن لا يمكن أن تنجح وتستمر وتثمر إلا بالمودة والألفة والعطاء والاهتمام، فالحب وحده لا يكفي للتفاهم بين الزوجين، لا بد أن تكون العلاقة واضحة منذ البداية، ولن تكون كذلك إلا من خلال الحوار في كل جوانب الحياة، سواء كان الجانب العاطفي أو النفسي أو الاجتماعي أو الأسري أو المادي، حوار يسوده الاحترام والتقدير، ومبني على الرغبة في بناء متين وقوي، تغلفه السعادة ويسوده الاستقرار، حوار صريح وصادق يضع النقاط على الحروف، ولا يدع الفرصة لطرف واحد لكي يقرر ويحدد ويرتب وينظم الحاضر والمستقبل من وجهة نظره، بل حوار مشترك يفسح المجال ويعطي الفرصة والحق لكل طرف في التعبير عن أفكاره وأهدافه ومتطلباته ورغباته، وبالتأكيد ستكون هناك اختلافات في وجهات النظر ولكن القاعدة تقول: إن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، بل يتم الاتفاق والتفاهم على الرأي الأفضل.


أما إذا تعطلت لغة الحوار وغابت فستحل مكانها لغة الصمت، وهي لغة الموت البطيء للمشاعر والأحاسيس والذي بدوره سيؤدي إلى الملل والكآبة، وسيغيم على النفوس جو الجفاف والجمود وتصبح العلاقة شبه معطلة، وبالتالي ستؤثر على علاقتهم بمن حولهم، فيحجمون عن إقامة أي علاقة اجتماعية؛ لأنهم يفتقدون هذه العلاقة فيما بينهم، والأهم ستتأثر العلاقة الحميمة بينهم، ويصبح الوصول للسعادة ضرب من ضروب الخيال ومهما عظم الاختلاف فهناك دائماً أمل في الإصلاح، عندما تكون هناك الرغبة في التغير ومبادرة الطرف المخطئ بالاعتراف والاعتذار، واستعداده بإرادة صادقة للتصدي والوقوف أمام أي فشل لمحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه


وفي النهاية يعتبر الحوار هو صمام الأمان الذي يضمن التماسك الداخلي لبنيان الأسرة، ويمنح الطمأنينة النفسية والسكينة الروحية والركيزة الأساسية التي تقود السفينة لبر الأمان، والوصول إلى مرحلة الاستقرار والسعادة الزوجية، وبكل أمانة وصدق يعتبر الحوار هو أهم ركن في العلاقة الزوجية، وهذه دعوة صادقة لتنعموا بالسعادة من خلال حوار يبتعد عن فكرة المنتصر والمهزوم، فهي ليست معركة، لأن فوز أحد الطرفين تعني خسارة الآخر فلا تعيشوا حياتكم برفقة المشاكل والمعاناة والقسوة والألم، اجعلوا التفاهم أساساً لحياتكم؛ لتتذوقوا جمال ومتعة السعادة الزوجية بكل معانيها، فالزواج مودة ورحمة وألفة.


فعلاً علينا أن نبحث عن صياغة جديدة موجهة ومرشدة، بوصفها صمام الأمان ضد أي خلل في علاقتنا، وهدفنا الأكيد حاجتنا إلى شراكة عقلية وعاطفية للخروج من حيز الجهل بالحقوق والواجبات والتلقي والتلقين، إلى فضاء المشاركة والتعبير وتحديد المسؤولية الملقاة على كل طرف، وأن نتلمس حاجة المجتمع إلى مشروع يعيد للزواج قدسيته، وللطلاق هيبته، بالفعل نحتاج إلى منظومة اجتماعية متكاملة، تتعاون في إعادة التربية الدينية وزرع الخوف من الله، والالتزام وتحمل المسؤولية، مروراً بكيفية الاختيار السليم والحقوق والواجبات لكل من المرأة والرجل.