رحلة غيمة

سفر السؤال


إلى الكاتبة فاطمة الشريف...

مساء الشوارع الغارقة في البهاء

يا امرأة آتية من ضفاف النجوم...

والأنواء..

مساء الشفاه الحافية تروي

نبضات الزمن المزدحم بالشقاء

ترى من ترك جياد الخلاص في نجع الفاجعة؟

ثمّ رحّل صهيل الوصية إلى الخواء؟

أيقظوا صحبتي حورية الأرض

وتوّجوا خصرها بوردة الإباء

أوقدوا رصيف الصباحات فحيح نار

وأقيموا خيمة امتدادنا بؤبؤ القمر

خريطة للبقــاء

مدّي يدك فاطمة لمئذنة النخلة

بعشرات الأجنحة... ربما ينهمر المـــاء

إذا قدر للفراشة رحيل بنواعير الريح

نحو رحيق السنبلة

وبريق على تلال الشتـــاء

لي سفر السؤال وأحاديث الليل

ولك «وطن يعاقر الانتظار»

وطيب طين أيتها العذراء

ضميني يا عناقيد الشمس

ملهاة فجر مزدحم بالهذيان والكبرياء

فلقاء «المنتــدى» شامخ بدهشة القصائد...

و«سوق الأيادي».. وذاكرة الفـداء

 

جلال بــاباي– تونس

 


رحلة غيمة

مدت يديها الدافئتين لتنتشلهما من بين ذراعي أمها، وها هي تصعد برقّة وعذوبة نحو رحلتها.

تمتمت في نفسها.. هاأنذا مغادرة أرضك نحو رحلتي، وحتمًا سأعود إليك قريبًا إلى حضنك الدافئ، وأنام ملء جفوني راحة وهناء، فكوني في الانتظار.

وبعد عدة أشهر ها هي عائدة مهرولة إلى أمها، وقد أنهك جسمها من عناء الرحلة الطويلة.. «أمي احتويني بين ذراعيكِ، دعيني أرشف من حنانك بعد ليالٍ من المشقة والتنقل، لقد زرت العديد من الأماكن... زرت الوديان المنتعشة بالجمال، وزرت رمال الصحراء العطشى، وجبالاً ثكلى بصخور ضخمة، وبتلال مبتهجة بألوان الزهور، وساحات تعلن بدء عطاياها من الثمار، وساحات شاسعة بلونك الأزرق الدافئ..

ويا لسوء ما رأيت وضاق صدري لرؤيته من بني البشر، ذاك يسرق لقمة عيش ذاك، والآخر يخون صاحبه، وغيره يسفك دم أخيه جزافًا، وآخر يغش، وثانٍ يكذب، وأناس قد بسطوا أجسادهم على الطرقات ليريحوها من عناء يوم مثقل بالبحث عما يسد رمق جوعهم.

لقد اختنقت وصاحبني همي، وامتقعت بلون رمادي قاتم، وثقل كاهلي بحزني،

وما عدت أستطيع متابعة رحلتي، واخترت أرضًا تختنق عطشًا لأذرف عليها دموعي وأتلاشى ويتلاشى معي مصابي، وأرتاح على تلك الأرض التي أينعت وسالت فيها الأنهار، وهاأنذا أصب فيك مجددًا وعدت إليك..».

أغمضت غيمة عينيها براحة بين ذراعي أمها البحر، بعد أن أصبحت قطرات ماء ثانية، وليس بكثير لتعاود رحلتها مجددًا وتعانقها أيدي الشمس الذهبية لتأخذها كغيمة ثانية، آملة ألا تعاود رؤية تلك الصورة، بل تجد مجتمعًا قائمًا على الحب والتراحم والإخاء والصدق والوفاء بين بني البشر.

 

 

زينب عبدالوهاب الشهاري - اليمن

 

 

تراجع

 

كثيرًا تغار من صديقتها «سحر» وتحسدها، وكلما شاهدتها فرحة بحبها، تنطق عيونها بالبسمة.

ذات يوم هدهدَ قلبها بحنين لرجل، لم يسبق لها أن عرفت مثله، وبقيت تؤنب ضميرها الحاسد عيون صديقتها.

 

رحاب حسين الصايغ - العراق

 

 

حسد ولا ضيقة عين؟

يحسدونني الناس على بسمتي

لا يعلمون كم الاستياء وراء هالضحكةِ

يقولون دائمًا سعيدة ويا فرحتي

لم يروا أنهار الدموع التي تغرق بها مقلتي

أتحامل على نفسي نهارًا وأغرق في همومي بليلتي

أبكي أكتم الآهة مساءً ولا أجد من يكفكف دمعتي

أحمد الله أن لي حبيبًا لم يعرفوه يؤنس وحدتي

ملاذي هو الوحيد الذي يداعب مخيلتي

لو عرفوه لكنت حُسدْت، وتركوني بالظلام دون شمعتي

 

Cute Girl

 

 

عرفتك

عرفتك مثل ورود الربيع

تغطي الروابي بشذى وجمال

عرفتك مثل الجداول تجري

فتروي الحقول وتروي التلال

عرفتك مثل الأنهار تفيض

فتروي الهضاب وتروي الجبال

عرفتك مثل الندى في الصباح

دمعًا يبوح بما لا يقال

عرفتك كالروح يحنو عليَّ

فأنعم منه بأحلى الظلال

فأيلول عيدك عيد الزهور

وعيد الصبا والهوى والدلال

يظل وفيًّا لأحلى المشاعر

مهما ادلهمت بقلبي ليال

يغني على شرقي في المساء

أناشيد حب تفوق الخيال

وتشرين يأتي بريح الخريف

وغيم يشد إلينا الرحال

يقول تساقط أوراقه

بأن دوام الربيع محال

ففصل الربيع يليه خريف

ويوم هناء يليه عضال

 ويوم به زمهرير الشتاء

ويوم به الدفء طاب وطال

وكانون عاصفة وزئير

وغيم ودعة وأحلى وصال

يجدد في الأنفس كل المشاعر

ينفض عنها بقايا الرمال

ونسيان لآه وألف آه ويا ألف آه

على حسنه يحلو المقال

يزين هذا الوجود الحزين

متى جاء في رونق واختيال

ويسحرني دفء ألوانه

لأنك للورد أحلى مثال

عشقتك كعشق السماء للسحاب

لأن غيومك فيها المطر

أحبك كحبي لشواطئ البحار

وأحب فيك كل السحر والدلال

 

عادل مصلح - الأردن

 

 

لحظة تأمل

أتأمل الوجود حولي

بحثًا عنك

وأسأل كل من أصادفه

أين ذهبت؟

في لحظات الخيال

تصورتك أمامي

وفي داخل الأحلام

تمنيتك لثوانٍ

يا ساكن الخيال

يا غائبًا عن الوجود

إنني أتأمل الليل

وأتأمل النهار

وأنظر للقمر

وأسرق النظر للشمس

علّني أجدك بينهم

أو علّني أراك معهم

لكن أظن أنني سأبقى

في لحظة تأمل

 

صاحبة الجرح السرمدي – جدة

 

 

أماه

أماه يا معلمتي فنون الحياة.. نعم أعطيتني وعلمتني الكثير.. أغدقتِ عليَّ حتى أغرقتني في بحر زاخر من فيض العطاء.. اعذريني؛ قد لا أستطيع الوفاء.. أتعرفين لماذا؟ لأنك أثبت لي في جميع المواقف أن نبراس العطاء بلا مقابل هو روح البقاء،

بقيت لي خلجات نابضة في غربة الذكريات، وأنت عني بعيدة يا معلمتي معنى فنون الحياة.

 

ابتسام سعيد تمار- السعودية

همـس فــي منتصــف الليــل

 (1)

يا حرفًا غدا غائبًا عن محفظتي المهترئة، أسئمت التصاقك الدائم ببداية، أين أنت؟ فلم يعد القلم يرقص طربًا، كما كان من ذي قبل.. عذرًا يا صديقي.. يبدو أن قلمي بدأ يشيخ، ويفقد قدرته على تمييزك بوضوح، ربما العلة من ذاكرتي التي تغزوها الكلمات المرسومة بإتقان.. عذرًا يا لوقاحتي كيف نسيت ولم أسطرك بموضعك!! كيف لم أتفنن.. وأشبع صفحتي الجائعة برسمك.. أتعلم يا حرفي الجميل

بأنني لم أجد طعمًا في بقية الأحرف! فقد تعرَّت جُملي وهي تستغيث بك..

شعرت بغيابك الآن… ألن تنجدها؟! أتعذرني وتغفر لي زلتي..؟ أنت بداية أحرف اسمي.. فأي بلية قد حلت عليَّ.. وأي سهو قد وقعت فيه.. فيا حرفًا ينطقه الناس عند مناداتي…أعرني جزءًا منك لأكتبك مع إخوتك من جديد، لأخلدك ملكًا على الحروف كلها، لا تدع خطئي يزيدك غضبًا وبعدًا.. وطيشًا!! لا تنسَ أنك كنت يومًا ما ريشتي الذهبية، ومدخلي إلى عالم آخر.. فمعكَ ابتدأت الكتابة.. ومعك سأنـــــتـــــــهي..

يا حرفي الغائب عن صفحتي البيضاء.. عد لتــــــــملأها من جديد..

 

 (2)

غريب أمرنا نحن البشر.. نرى السعادة أمامنا ولا نحرك ساكنًا.. ننتظرها تأتينا حبوًا!! نرى الظلم من حولنا ولا نتفوه بكلمة.. نشعر بالقهر ونعجز عن نصرة أنفسنا..

تمر السنوات بنا.. تاركة بصمتها على وجوهنا، ولا نستفيد من أعمارنا..

نفشل ونحمِّل الآخرين أخطاءنا.. نجعل من الوقت شماعة لأخطائنا... يا لنا من بشر.. لا نملك من أمرنا شيئًا!!

أمل

 

ردود

 

 

إلى «سامح جرادات» من الأردن: نشكرك على رسالتك اللطيفة، وإن شاء الله سنعمل بفكرتك.

 

إلى «تميمة» من السعودية: نرحب بك صديقة جديدة لصفحات أقلام ونجوم.