في هذا الموسمِ، لا نستوحي الموضةَ من العروضِ فقط، بل ومن الأرضِ، والجذورِ، ومن نكهاتِ العالم، وروائحِ الثقافاتِ التي تنبضُ بالحياةِ أيضاً. نأخذكم في رحلةٍ إلى حيث تختلطُ التوابلُ بالأقمشة، وتتحوَّلُ الألوانُ إلى لغاتٍ، تُعبِّر عن الذاتِ، والأنوثةِ، والهويَّة. من سريلانكا، التي تنمو فيها القرفةُ ككنزٍ عطري بين الحقول، إلى المكسيك، أرضِ الفلفلِ الحار، وألوانِ السوقِ الجميلة، فالهندِ، موطنِ الكركم الذهبي واحتفالاتِ الضوء، وصولاً إلى جنوبِ الصين حيث يروي الزنجبيلُ حكاياتِ الحكمةِ والطاقة. كلُّ لونٍ هنا، يتعدَّى كونه خياراً جمالياً، إنه ترجمةٌ لروحِ المكان، ولوحةٌ تمتدُّ من التوابلِ إلى الموضة، وتُعبِّر عن قوَّةٍ ناعمةٍ، وتوازنٍ داخلي، وحنينٍ دائمٍ إلى الأصالة.
القرفة وعبير يحاكي عمق الأرض
من قلبِ سريلانكا، موطنِ القرفةِ العطرةِ وعبيرها الساحر، تنبثقُ ألوانٌ، تُحاكي عمقَ الأرض، وسحرَ الطبيعة. هناك، حيث تنمو القرفةُ في أحضانِ التربةِ الدافئة، وُلِدَت لوحةُ ألوانٍ، تجمعُ بين البنِّي الغني، والكمُّون الذهبي، وكأنَّها انعكاسٌ حي لجذورِ هذا البلدِ العريق. هذه الدرجاتُ الترابيَّة، لا تُعبِّر فقط عن جمالِ الطبيعة، بل وتنسجُ خيوطها أيضاً مع الموضة، لتُجسِّدَ أناقةً خالدةً، تنبضُ بالدفء والرقي. ألوانٌ، تستحضرُ أصالةَ التاريخ، وتمنحُ الإطلالةَ لمسةً من التوازنِ والقوَّةِ الناعمة تماماً كما تفعلُ القرفةُ في نكهتها ورائحتها. إنها صيحةٌ موسميَّةٌ دائمةً، وهي كذلك عودةٌ أنيقةٌ إلى الجذور، إلى حيث بدأ كلُّ شيءٍ.. في سريلانكا.
الأحمر رمزاً للشغف
من المكسيك، أرضِ التوابلِ الناريَّةِ والثقافاتِ الغنيَّة، ينبثقُ الأحمرُ المستوحى من الفلفلِ الحار بوصفه رمزاً للشغفِ والعمقِ المكبوت. هو ليس أحمرَ صاخباً، وإنما تدرُّجٌ هادئ، يلتقطُ حرارةَ الشمسِ المكسيكيَّةِ دون أن يحترق، ويعكسُ توازناً دقيقاً بين الجرأةِ والرقي.
هذا اللونُ، المتجذِّرُ في تفاصيلِ الحياةِ اليوميَّةِ المكسيكيَّة، من الأسواقِ الشعبيَّةِ إلى الأقمشةِ المطرَّزةِ يدوياً، يُجسِّد أنوثةً ناضجةً، وشغفاً خفياً، يَعبُر النظراتِ دون أن يصرخ. إنه حضورٌ لافتٌ، لا يحتاج إلى مبالغةٍ، ويُضفي لمسةً من الدفء والغموضِ على الإطلالة، ويمنحها طابعاً خريفياً، أو شتوياً بامتيازٍ. هي ليست مجرَّد ألوانٍ، إنها بحقٍّ تجسيدٌ لمشاعرَ وذاكرةِ ثقافيَّةٍ، تُلبَس وتُعاش.
ما رأيك بالاطلاع على الكيمونو.. ما الجديد الذي أضافه إلى عالم الموضة؟
الزنجبيل الأصفر انعكاس لثراء ثقافي عريق
يتألَّقُ في سهولِ جنوبِ الصين، المكان الذي تتلاقى فيه الطبيعةُ الخصبةِ مع عمقِ التقاليد، لونُ الزنجبيلِ الأصفرُ الداكن، ليحكي قِصَّةَ دفءٍ وثراءٍ ثقافي عريقٍ. من الجذورِ التي لطالما استُخدِمَت في الطبخِ، والعلاجِ، والطقوسِ اليوميَّة، يُستوحى هذا اللونُ الذي ينبضُ حيويَّةً ممزوجةً بالهدوء، وجرأةً لا تتكلَّمُ بصوتٍ عالٍ، بل تُثبت حضورها بثقةٍ وأناقةٍ.
الأصفرُ المستوحى من الزنجبيل، هو أكثر من إشراقةٍ شمسيَّةٍ. إنه انعكاسٌ للتفاؤلِ الناضج، والنشاطِ المتَّزن، والحكمةِ التي تنضجُ مع الزمن. وفي خاماتٍ مثل الحرير والكتَّان، يتحوَّلُ إلى رمزٍ للأناقةِ البسيطةِ التي تنبعُ من الداخل. لونٌ، يُحيي الحواس، ويُجسِّد توازناً دقيقاً بين البهجةِ والرقي، كما لو أنه استعارَ حرارته من نكهةِ الزنجبيل القويَّة، لكنْ بلمسةٍ راقيةٍ.
إنها لوحةٌ مستلهمةٌ من التوابل، تُعيد ربطَ الموضةِ بالجذور، وتُبرِزُ جمالَ الثباتِ في عالمٍ دائمِ التغيُّر.
الكركم الذهبي رمزاً للدفء
من أعماقِ الهند، حيث تنبعُ الحياةُ بالألوانِ والعراقة، يسطعُ الكركم الذهبي بوصفه رمزاً للدفء والطاقةِ المتجدِّدة. بالاستلهامِ من هذا التابلِ الأسطوري، ينبثقُ البرتقالي الدافئ، ليُزيِّنَ منصَّاتِ الموضةِ بإشراقةٍ لا تُنسى. إنه ليس لوناً يصرخُ بالحضور، وإنما يهمسُ بإشراقٍ داخلي، وقوَّةٍ هادئةٍ، كما لو أنه يحملُ في طيَّاته شمسَ الهند وروحَها المتوهِّجة.
يعكسُ هذا اللونُ الثقةَ والبهجة، ويمنحُ الإطلالةَ لمسةً من الحيويَّةِ الممزوجةِ بالأصالة. في كلِّ تدرُّجٍ منه، نلمحُ ظلالاً من الطقوسِ الهنديَّة، والأقمشةِ المصبوغةِ يدوياً، واحتفالاتِ الضوءِ واللون. إنه اتِّجاهٌ موسمي رائعٌ، واحتفاءٌ بجذورٍ عميقةٍ، تربطُ الموضةَ بروحِ الأرضِ والثقافة. لونٌ يُجسِّد الأنوثةَ الحرَّة، ويمنحُ مَن ترتديه هالةً من التفرُّد والتألُّقِ الهادئ.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط
