من سمات الإبداع، امتداد الأثر من جيل إلى جيل؛ لأن المبدعين ملهمون لمن حولهم، ولأن الجمال حين يُرى يلامس القلوب ويترك أصداءه داخلها، هكذا امتد أثر "نون NUUN" من مؤسسة العلامة الأميرة نورة الفيصل إلى ابنة أخيها، المصممة عبير الفيصل، التي عايشت الرحلة الإبداعية لعمتها، وتعلمت منها كيف تنظر لما حولها بـ"عين" الإلهام وكيف تتلاعب بالمعادن والأحجار لتصنع منها قطعاً فاخرة راقية بتصاميم فريدة، تحكي لغة الجيل الشاب المعاصر، ولكن المتمسك دوماً بجذوره العريقة.
في معرض "نون" للمجوهرات في الرياض، عُرضت تصاميم المصممتين الأميرتين نورة الفيصل وعبير الفيصل؛ لتكون بمنزلة احتفاء بالرسالة المتناقلة، وتكامل الرؤى الإبداعية.
تغطية: عبير بو حمدان
لم أعُد وحيدة في "نون"..
"سيدتي" كانت في معرض "نون" للمجوهرات، وسألت الأميرة نورة الفيصل عن رأيها بموهبة الأميرة عبير الفيصل ومجموعتها الأولى، حيث قالت لنا: "بالنسبة لي اليوم، أهم من معرض نون هو وجود عبير بن تركي الفيصل، ابنة أخي، وعرضها لمجموعتها، هذه هي المجموعة الأولى لها، وقد أبدعت ما شاء الله، إنها موهوبة جداً، وأنا فخور بها جداً وأتوقع أنه سيكون لها مستقبل كبير، والأجمل أن مستقبلها سيكون معي في Nuun؛ لذا أنا لم أعُد وحيدة، أصبحنا أنا وعبير في Nuun".
وعن النصائح التي وجهتها لها في بداية مسيرتها، أخبرت الأميرة نورة: "أنا بصراحة لم أرغب بتوجيهها، ربما في البداية عندما طلبت مني النصيحة، نصحتها أن تكون أولى خطواتها دراسة "علم الجواهر" في المعهد الأمريكي لعلوم الأحجار الكريمة (GIA)، وهذا ما فعلته فعلاً، ثم قمت باختبارها أحياناً بسؤالها عن رأيها ببعض التصاميم، وظهرت موهبتها بشكل واضح جداً، الموهبة تُولد مع الشخص، وهي موهوبة بالفعل، كانت عندما أريها القطع تعرف تفاصيلها وإذا ما كان هناك أمر خاطئ فيها والأهم أنها لم تكن تتردد أو تخاف أن تقول رأيها، وهذا مهم بالنسبة لي؛ أي أنها واثقة بنفسها وغير متخوفة، وتسعى أو توصل أفكارها بوضوح".
أما فيما يخص مجموعة Ain التي عرضتها الأميرة عبير؛ فأكدت: "هذه النتيجة أنا لم أصل لها إلا بعد 3 أو 4 سنوات من الخبرة، هي تمكنت أن تصل لها بأول مجموعة؛ لذا لكم أن تتخيلوا كيف سيكون عملها بعد سنوات!".
لأول مرة في السعودية..
أخبرتنا الأميرة نورة أيضاً عن تصاميمها التي تُعرض في القسم الآخر من المعرض وأشارت: "بالنسبة لتصاميمي هناك بعض القطع المميزة من عدد من المجموعات التي نحب أن نعرضها دائماً، مثل بعض القطع من مجموعة الريش الأيقونية التي أصدرناها مع دار أسبري العالمية، وأيضاً هناك تصاميم جديدة منها "البناجر" التي أعدنا تصميمها بطريقة مبتكرة ووزن خفيف وبألوان جديدة ذات طابع شبابي حيوي، وهناك عقد بحجر المورجانيت، وأنا سعيدة جداً به، وكلما عملت تصميماً جديداً أفرح به جداً إلى أن أصمم شيئاً بعده".
أما القطعة التي سرقت الأضواء في المعرض؛ فكانت قطعة "التاج"، وعنه قالت الأميرة نورة: "هذا التاج هو من القطع التي أعتز بها جداً، والتي حرصت أن أعرضها هنا في السعودية، هذه القطعة هي من أول تصاميم علامة نون، وعُرض في أول معرض لها في باريس، وهذه المرة الأولى التي يُعرض فيها في السعودية".
ولكن ما هي قصة هذا التاج؟ تقول الأميرة: "قصة هذا التاج مهمة بقدر جمال تصميمه، كنت حينها مع زوجي في رحلة شهر العسل إلى إندونيسيا، وهناك كنت أنظر إلى الأمواج العالية ولأول مرة أستطيع أن أرى ما يُعرف بـ"الأحصنة البيضاء" داخل تكسر الأمواج، وهذا المنظر ألهمني وقمت برسم تصور أولي للتصميم في اللحظة نفسها، بعدها كنت منشغلة بتصميم أول مجموعة للعلامة في باريس، وسمعت بعض الكلام عن كوني مصممة سعودية وكان هناك تشكيك بخبرتي وقدرتي على الإبداع؛ لذا كان تحدياً بالنسبة لي، ولكنني لا أحب الرد على الكلام بالكلام وإنما بالفعل؛ لذا قررت أن أصمم هذا التاج بالتقنيات الفرنسية الكلاسيكية الخاصة بهم، وذلك حتى أظهر أننا كمصممات سعوديات قادرات على إتقان هذه المهارات في التصميم، ولكن لكي أبين هويتي أصررت أن تكون الخيول في التصميم خيولاً عربية، وهذه نقطة مهمة جداً".
من الفعاليات الإبداعية في الرياض مؤخراً: معرض صالون المجوهرات 2025.. الفخامة تلتقي الإبداع ضمن موسم الرياض
بين الحاضر والماضي
تحدثنا أيضاً مع الأميرة عبير الفيصل، مصممة مجموعة Ain في دار علامة "نون" للمجوهرات، فأخبرتنا عن مجموعتها المميزة، وقالت: "هذه أول مجموعة لي، المجموعة عبارة عن قطع ذات طابع عملي يومي، بأنواع مختلفة من المعادن، مع الأحجار شبه الكريمة، وهي مستوحاة من مباني الرياض بين الحاضر والماضي، بطابعها الصناعي، وقررت أن أقوم بتنفيذ الشكل النهائي للقطع بنمط مطفي؛ ليبرز جمال الأحجار أكثر، واستخدمت أحجار الإيفنتورين مع الذهب الوردي، والملاكيت، مع الذهب الأصفر، ومع التيتانيوم الأسود المطفي"، وأضافت: "أمزجة وتركيبات مختلفة لمناسبات مختلفة؛ فكل شخص له شخصيته وهُوِيَّته، وأنا حاولت أن أقدم تشكيلة واسعة من الألوان والمجموعات حتى يجد كل شخص مراده ضمن القطع".
محاطة بالموهبة والإبداع
وحول ما جذبها لدخول عالم تصميم المجوهرات قالت الأميرة عبير: "حب المجوهرات بدأ من عمر صغير، كنت دائماً محاطة بأشخاص موهوبين ومبدعين، بالنسبة لي بدأ الأمر معي بوصفه هواية، ثم تعمقت فيه أكثر وأحببت أن أدرسه وأفهم تفاصيله وآخذ الخبرة؛ لذا درست في المعهد الأمريكي لعلوم الأحجار الكريمة (GIA) واخذت شهادة بوصفي خبيرة الأحجار الكريمة، وخبيرة ألماس".
وتابعت متحدثة عن تأثرها بعمتها الأميرة نورة الفيصل: "اكتسبت خبرة مع عمتي الأميرة نورة الفيصل لسنوات قبل أن أصدر مجموعتي هذه، وهي بالطبع من أفضل الأشخاص الذين يمكن أن أتعلم منهم في هذا المجال؛ لذا أقول لها شكراً على الخبرة والدروس التي تعلمتها منك والفرص التي قدمتها لي، وإن شاء الله المستقبل سيكون أجمل معاً وسنقدم سوياً أعمالاً رائعة".
وحين سألناها عن المجموعة المفضلة لها من بين تصاميم الأميرة نورة الفيصل أجابت: "كل تصاميمها رائعة، لكن مجموعتي المفضلة لها هي مجموعة الجوهرة؛ ففيها رابط عاطفي مهم بالنسبة لي، كما أن مزيج المواد المستخدمة فيها يبرز فرادة القطع بشكل لا يُوصف".
عن المعرض
يُذكر أن معرض NUUN Jewels "نون" للمجوهرات أُقيم على مدار أربعة أيام في ليفت جاليري في حي جاكس في الدرعية، الحي الإبداعي الذي يجسد التقاء التراث الإبداعي بالتوجهات المعاصرة للفنون في المملكة، وزار المعرض نخبة من الشخصيات المختصة والمهتمة بالمجوهرات والتصميم. المعرض تضمن قسمين رئيسيين عُرضت في القسم الأول منه عشرات القطع من التصاميم المعروفة وبعض التصاميم الجديدة للأميرة نورة الفيصل، وفي القسم الآخر عُرضت المجموعة الأولى للأميرة عبير الفيصل التي انضمت للعلامة بوصفها مصممة بشكل رسمي.
اقرأوا أيضاً: الأميرة نورة بنت محمد العبدالله الفيصل.. أمينة التراث وملهمة الشباب
