اكتشف باحثون خلال بعثة استكشافية للبحث عن حطام سفينة شهيرة، أنماطًا هندسية مذهلة في قاع بحر "ويدل" الغربي، في القارة القطبية الجنوبية أنتاركتيكا، أنشأتها الأسماك.
وكان قاع البحر في السابق مخفيًا تحت كتلة جليدية سميكة، لكن ذلك تغير في يوليو من العام 2017، عندما انفصل الجبل الجليدي الضخم A68 عن كتلة "لارسن" الجليدية.
وقد بلغت مساحة الجبل الجليدي 5,800 كيلومتر مربع، أي ما يعادل تقريبًا مساحة ولاية ديلاوير الأمريكية.
رصد سفينة وأنماط هندسية مرتبة
وانتهز الباحثون الفرصة لدراسة قاع البحر الذي كان مخفيًا في السابق، ونظموا "بعثة بحر "ويدل" الاستكشافية للعام 2019"، من أجل هدفين رئيسيين، الأول استكشاف الأحياء البحرية في بحر "ويدل" الغربي، والثاني البحث عن حطام السفينة HMS Endurance، التي حوصرت في الجليد وتفككت في نهاية المطاف في العام 1915.
ورغم أنهم لم يعثروا على حطام السفينة، إلا أن البعثة وثّقت لقطات ثمينة تحت الماء تظهر الحياة البحرية التي تسكن أعماق بحر "ويدل" المتجمدة. وقد رصدت المركبة الغاطسة التابعة لسفينة البحث التي يتم التحكم بها عن بعد، ويطلق عليها اسم "Lassie"، سلسلة من الأعشاش المرتبة في أشكال مميزة تمتد عبر قاع البحر.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة روس كونلي، الباحث في مرحلة الدراسات العليا بكلية علوم الحياة في جامعة إسكس: "وجود أكثر من ألف عش محفوظ ضمن المناطق التي تمت دراستها يُظهر أن استكشاف عالمنا ما زال مستمرًا، مع اكتشافات جديدة تظهر باستمرار".ويبرز هذا الاكتشاف التنوع الكبير للحياة التي تزدهر في مكان يشهد تغيرًا مناخيًا سريعًا، ولهذا السبب يطالب العلماء بسنّ قوانين لحماية النظام البيئي الهش في بحر "ويدل".
أما عن حطام السفينة HMS Endurance، فقد اكتشف في نهاية المطاف خلال بعثة استكشافية العام 2022.
بينما كانت المركبة Lassie تمر فوق قاع بحر "ويدل"، ظهرت فجوات كبيرة في الرمال. وكانت البقع الدائرية تبدو مرتّبة مقارنة بما يحيط بها، خالية من طبقات العوالق المتحللة التي شوهدت في أماكن أخرى من القاع.
وقال كونلي:"كانت هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها هذا الجزء من قاع البحر، لذا كان من المتوقع دومًا وجود قدر من الغموض".
تابعوا المزيد: تفسير رؤيا البحر في المنام
رصد وجود أسماك ويرقات أسماك
وعندما فحص العلماء لقطات الفيديو التي التقطتها Lassie، لاحظوا وجود أسماك ويرقات أسماك داخل تلك الفجوات. وعند التدقيق أكثر، تبين أن الأسماك تنتمي إلى نوع من أسماك القد الصخرية يسمى Lindbergichthys nudifrons، المعروف أيضًا باسم yellowfin notie.
وأضاف كونلي أن هذه الأسماك تتواجد من شبه الجزيرة القطبية الجنوبية حتى جزيرة جورجيا الجنوبية في القسم الأطلسي من المحيط الجنوبي.وقال كونلي:"هذه الأنواع تعد إكستريموفيل "أليفة الظروف القاسية"؛ إذ تزدهر في بيئات الضغط العالي والمياه الباردة. وتبني الأعشاش الصغيرة الدائرية في الرواسب الدقيقة، ثم يحرس الذكور البَيض لحوالي أربعة أشهر. وأكبر تهديد لهم يأتي من المفترسات على قاع البحر، مثل نجوم البحر الهشة والديدان المفترسة، التي تحاول أكل البيض".
ولاحظ الباحثون أيضًا أن 1,036 عشًا نشطًا موزعة في خمسة مواقع بقاع البحر، عرضت ستة أنماط مختلفة.
ويشكل هذا الاكتشاف المرة الأولى التي يتم فيها ملاحظة أنماط معقدة من أعشاش أسماك yellowfin notie.
ويُعتقد أن الأعشاش المنفردة على أطراف تجمعات الأسماك تعود إلى أفراد أكبر وأقوى من النوع، قادرين على الدفاع عن أعشاشهم الخاصة.
ويعتقد مؤلفو الدراسة أن البحث الجديد يقدم أدلة حاسمة على موائل التكاثر التي تعزز فكرة إنشاء منطقة محمية بحرية في بحر "ويدل"، المقترحة من قبل لجنة الحفاظ على الموارد البحرية الحية في القارة القطبية الجنوبية.
وقال كونلي: "إذا تم تصنيفها بنجاح كمنطقة محمية بحرية، فسيعني ذلك حماية هذه النظم البيئية البحرية الهشة".
وأضاف: "من المهم للغاية استكشاف ودراسة هذه البيئات الفريدة قبل أن نفقد شيئًا لم نكن نعرف بوجوده أبدًا".
يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على منصة إكس





