مع اقترابِ نهايةِ عامِ 2025، يقفُ كثيرٌ منَّا عند مفترقِ طرقٍ بين ما كان، وما سيكون.
بعضنا، يظنُّ بأن نهايةَ العام، تأخذُ من أعوامَ أعمارنا، فنشعرُ بأن الزمنَ قد مرَّ سريعاً، ونجدُ أنفسنا ما بين الحماسِ للمقبلِ، والحسرةِ على ما لم يتم إنجازه! لكنْ الحقيقةُ، أن نهايةَ العام، ليست خسارةً مهما أنجزنا فيه، أو لم نُحقِّق، وإنما فرصةٌ، يمنحها لنا الزمن، لنلتقطَ أنفاسنا، ونُراجع مسارنا، ونُخطِّط لأهدافنا.
إن نهايةَ العام، ليست مجرَّد أرقامٍ، تتغيَّرُ في التقويم، وإنما فرصةٌ مميَّزةٌ لقلبِ الصفحة، والبدءِ من جديدٍ. هي لحظةٌ صادقةٌ، نُواجه فيها أنفسنا دون أقنعةٍ، ونسألُ: ماذا تعلَّمنا؟ وأين أخطأنا؟ وما الذي نستحقُّ أن نمنحه لأنفسنا في العامِ المقبل؟ فمراجعةُ الذات، لا تعني جلدَها، بل تعني فهمَها، والتصالحَ معها، واستخلاصَ الدروسِ التي تُساعدنا في أن نكون نسخةً أفضلَ من أنفسنا.
ثم إن هذه المرحلةَ، تُمثِّل فرصةً للهدوءِ، والتركيزِ على ما يجبُ إنجازه، ففي زحمةِ الحياةِ، وتسارعِ الأيَّامِ قد نفقدُ البوصلة، وننشغلُ بالتفاصيلِ الصغيرة، بينما تضيعُ الأهدافُ الكبيرة؛ لذا تأتي نهايةُ العام، لتدعونا إلى التوقُّفِ قليلاً، وإعادةِ ترتيبِ الأولويَّاتِ، والتفكيرِ بوعي فيما نُريده حقاً من عامِ 2026.
قراراتُ بدايةِ العام، لا يجبُ أن تكون مثاليَّةً، أو مُبالغاً فيها، بل يجبُ أن تكون واقعيَّةً وقابلةً للتحقيق. قد يكون القرارُ، هو الاهتمامُ بالصحَّةِ النفسيَّةِ قبل الجسديَّة، أو تخصيصُ وقتٍ أكبرَ للعائلة، أو تطويرُ مهارةٍ مؤجَّلةٍ، أو حتى التخلِّي عن أمورٍ، أو علاقاتٍ، تستنزفُ طاقتنا. الأهمُّ أن تكون هذه القراراتُ نابعةً من قناعةٍ داخليَّةٍ لما يناسبُ أنفسنا، لا من ضغطٍ اجتماعي، أو مقارنةٍ بالآخرين.
وفي نهايةِ المطاف، يبقى عامُ 2025 صفحةً من كتابِ حياتنا، بما فيها من نجاحاتٍ، وإخفاقاتٍ، وأفراحٍ، ودروسٍ. لا نندمُ على ما مضى، بل نحمدُ الله على التجاربِ التي صقلتنا، وشكَّلتنا على ما نحن عليه اليوم من وعي واستقرارٍ نفسي.
ها نحن نُودِّع العامَ الجاري، ونستقبلُ العامَ الجديدَ بعقولٍ أوعى، وإيمانٍ أكبر بأن كلَّ بدايةٍ جديدةٍ، تحملُ في طيَّاتها فرصة مختلفةً، فليكن قرارُنا الأهمُّ، هو أن نكون أكثر صدقاً مع أنفسنا، وأكثر شجاعةً في السعي نحو أهدافنا وأحلامنا.
وكلّ عامٍ والجميعُ بأفضلِ صحَّةٍ وأجملِ تغيير.





