mena-gmtdmp

عام مضى وعام أتى

الدكتورة مايا الهواري
د. مايا الهواري
د. مايا الهواري

الحياةُ عجلةٌ، تدورُ، وتدورُ معها الأيَّامُ، فيومٌ يذهبُ، وآخرُ يأتي، وهكذا تتوالى على المرءِ أيَّامٌ متشابهاتٌ، وأخرى مختلفاتٌ، ولكلٍّ منها صفاتٌ وخصائصُ، يعيشها بحلوها ومرِّها، لينها وقسوتها، فرحها وحزنها، لحظاتٌ تمرُّ على الإنسانِ، يجدُ فيها العجبَ، ففي اللَّحظةِ نفسها أحدهم يحملُ شهادةَ ميلادِ طفلٍ، والآخرُ شهادةَ وفاةِ شخصٍ، فالأوَّلُ تغمرُ الفرحةُ قلبَه، في حين يعتصرُ الثَّاني حزناً. هذه هي الحياةُ، لا تسيرُ على وتيرةٍ واحدةٍ، كما تضاريسُ الطَّبيعةِ: جبالٌ، وهضابٌ، وسهولٌ، ووديان. وهكذا هي الحياةُ مملوءةٌ بالمطبَّاتِ والصِّعابِ، وعلى المرءِ أن يعملَ جاهداً لتحقيقِ حلمه، مجتازاً ما يعترضُه، مثابراً حتَّى يصلَ إلى النِّهايةِ المطلوبة، ومن ثمَّ يُكمل الحلمَ نحو نهايةٍ جديدةٍ، أو يُولَدُ حلمٌ جديدٌ، وهذه الأحلامُ قد تستغرقُ أيَّاماً، أو شهوراً، أو سنواتٍ، فتمرُّ الأيَّامُ، ليصلَ لنهايةِ العامِ حيث يحصي ما أنجزَه، وما أخفقَ في إنجازه، مع تقييمِ كلِّ ذلك، واضعاً خطَّةً للعامِ الجديد، مطوِّراً ما تمَّ تحقيقه، ومقرِّراً خططاً جديدةً لتحقيقِ ما لم يُحالفه الحظُّ في تحقيقه دون أن يجعلَ النَّدمَ والحسرةَ أمامه، وإنما يعرفُ نقاطَ القوَّةِ، فيُطوِّرها ويُعزِّزها، ونقاطَ الضَّعفِ، فيُحسِّنها، فنراه يجردُ أعماله السَّنويَّةَ كما تجردُ الشَّركاتُ بضائعها آخرَ العامِ، مُستقبِلاً العامَ الجديدَ بهمَّةٍ، ونشاطٍ، ومسؤوليَّةٍ متوازنةٍ، مُرتِّباً مهامَّه وفقَ الأولويَّاتِ، وراسماً خطَّته أمامَ عينَيه، مستفيداً في ذلك من تجاربه، وتجاربِ الآخرين، ومن الأخطاءِ التي وقعَ بها، وباحثاً عن نفسه اليومَ الأفضلَ من الأمس، متمتِّعاً بالإيجابيَّةِ، ومستعداً للعام الجديدِ بكلِّ تفاصيله، حلوه ومُرِّه، معاهداً نفسه على إسعادها، وجعلها أفضلَ ممَّا سبق، فالإنسانُ وليدُ اللَّحظةِ، وعليه استغلالُ كلِّ لحظةٍ من حياته فيما يعودُ عليه وعلى مجتمعه بالخيرِ والفائدة، فلنستقبل العامَ الجديدَ ولنملأه فرحاً وسعادةً ونجاحاً.