قالوا: إن اللسان هو قلم القلب، ورسول العقل، وإذا كان القلم أقوى من السيف؛ فإن الكلمة المنطوقة أقوى من كليهما، وهو ما يثبت الأثر البالغ الأهمية للكلمة في حياتنا؛ فنحن نترجم اتجاهاتنا وتصرفاتنا ومعنوياتنا وأمزجتنا كلها من خلال كلماتنا. ولقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك، بأن تأثير الكلمة على نفسية الإنسان، أقوى من أي تأثير آخر، حتى لو كان نفس المعنى مكتوباً أو مرئياً... فالكلمة المباشرة المسموعة، لها قوة فاعلة، وتأثيرها النفسي سريع؛ فالكلمات لا تكتفي بخلق المشاعر العاطفية فحسب؛ بل وتخلق الأفعال وتؤثر على النفس البشرية، نعم، كلمة قد ترفعنا لسابع سماء، وأخرى قد تهوي بنا إلى القاع.... كلمة تخرج بدون قصد، تحبط إنساناً كان في قمة نشاطه وعطائه، وكلمة قد تحفز فاشلاً للعطاء والنجاح.. وكم من كلمة دمرت مستقبل طالب عندما يصفه معلمه بالغبي؛ فيكسر همته ويشعره بالنقص ويغلق باب عقله عن الفهم.... أنتِ هبلة وساذجة وغبية، كلمات قد تحول إنسانة طيبة القلب إلى قاسية، وكم من كلمة حب خادعة من شخص مستهتر، يتغير بسببها مجرى حياة الفتاة إلى وادٍ سحيق ليس له قرار، هي مجرد حروف بسيطة فقط، وتتشكل بعدها قذائف تصيب فيها من أمامك؛ فأنت عصبي تثير الحليم، وأنت متكبر أو ظالم أو أناني أو شرير أو بخيل أو حسود أو كسول أو خامل.. صفة قد لا تكون في مكانها، يوصم بها الفرد لمجرد أننا سمعنا عنه ذلك؛ فنتعامل معه على أساس ما سمعناه.. نعم إنها مجرد كلمة، ورب كلمة قالت لصاحبها دعني. ونجهل بأن كلمة طيبة قد تفعل المعجزات؛ فمن لانت كلمته وجبت محبته... فالكلمة الطيبة لها قدرة عجيبة على زرع الثقة في النفس أو نزعها.. الكلمة التي تنطلق مـن أفواهنا؛ فتدمي من نحب عندما نعاتبهـم بأنانية أو نحاسبهم بقسوة، علينا أن نتحلى بحسن الخلق والتسامح وحسن الظن، ونتجنب المجادلة والكلام الذي لا طائل منه، ولا نتطاول بزيادة الألفاظ والمعاني التي لا هدف منها، وأن نعني ما نقول، ونقول ما نعنيه، وأن نفكر بتأنٍ قبل أن نتحدث؛ حتى لا نسبب الألم للآخرين، قال الله تعالى: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ* وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ»* صدق الله العظيم، كما قال الرسول، صلى الله عليه وسلم: «الكلمة الطيبة صدقة»، وقال: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة -من رضوان الله تعالى- يرقى بها إلى أعلى عليين، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة -من سخط الله تعالى، يهوي بها إلى أسفل سافلين»؛ فلماذا لا نجعل الكلمة الطيبة شعاراً نطبقه في كل معاملاتنا، ولنعلم أن كل كلمة ستشهد علينا يوم الحساب؛ لذا علينا أن نفهم ونعي كل كلمة تخرج من حنجرتنا قبل أن نقولها