أيُّ رجلٍ من الرجال أنت؟

أميمة عبد العزيز زاهد

 

قالت له: لقد تبدد التفاهم الذي كان يربطنا، ووصلنا إلى آخر مرحلة في السقوط وأشدها عمقاً، وهي سقوط الأدب والاحترام.. لم أكن أتوقع في يوم من الأيام أن أقف مثل هذا الموقف الذي تسمع فيه أذناي ما تنفر منه،
بأي نِفس تريدني أن أقترب منك وقدماي تأبى الوقوف أمامك، وعيناي لن تستجديك، وصوتي لن يناديك؛ فطريقنا أضحى مختلفاً بعدما أصبحتْ الآلام تشكو وتهزأ من كثرة ضيافتنا لها، وبعد أن خلقتَ منى إنسانة مختلفة كانت تعيش بلغةٍ ومفاهيمَ خاصةٍ لا تفهمها أنت؟
أيمكن أن توجد عقلية بهذا الأسلوب السخيف؟ أتستخدم معي أسلوب التهديد لتنفيذ أوامرك؟.. مع الأسف لستُ أنا تلك المرأة التي تُهدِر كرامتها، ولستُ شاةً في يد راعيها يسوقها حيث شاء ويسرحها متى أراد، كما أنه ليست لديّ القدرة للعيش فوق أرض مهتزة، ولن أتمسك بأي كائن إذا لم يراعِ آدميتي ولم يحافظ على شعوري، بأية لغة على وجه الأرض أتحدث بها معك أخبرني؟ ما الذي يرضيك ويسعدك وأيهما أسلم لي، الصدق أم الكذب؟ فالكذب يعني لك الراحة بكلامي الزائف والتعب بالنسبة لي؛ لأنني لم أتعوده ولن أمارسه حتى لو تسبب في تعاستي.. أيهم أسلم لي: الصمت، أم الكلام، أم الضحك؟ فالصمت يعني لك الخضوع والاستسلام والسلبية، وإذا تكلمتُ أكون في نظرك مسترجلة ومتمردة وأنادي بمبدأ المساواة.. أما إذا ضحكتُ أكون مستهترة ولامبالية.. إذاً لا يوجد أمامي سوى الصراخ، أو أن أردد خلفك ألحانك العذبة وبنفس أسلوبك، وكأنك رجل لا تعشق الراحة.. فأي رجل من الرجال أنت؟
فهل من الرجولة أن تكرر نفس الموقف الغبي مرة أخرى وللمرة الثانية؟ تتلفظ بقرار خطير تجهل مدى قسوته وللمرة الثانية والأخيرة تريد أن تصفعني وتضعني في موقف العدو من أمامي والبحر من ورائي، وأين المفر؟ وللمرة المليون أقول لك: أرجوك كفى استبداداً واستهتاراً وكفاك من فلتات اللسان التي لا تعرف إلى أين ستقودك.. اشعرْ لمرة واحدة أنك أمين وقادر على تحمل المسئولية، وعلى حفظ الكلمة التي وضعها الله أمانة بين ضلوعك.
لقد كنتُ بحاجة لعقل كبير يدبرني.. وقلب عطوف يحتويني.. والمشكلة أن لديك عقلاً ولكنه عاطل عن التفكير، وقلباً خاوياً لا يستطيع إسعاد من حوله ولا حتى إسعاد نفسه، وكم أكره هذه النوعية من الرجال الذين لم تصقلهم تجاربهم ولم تعلمهم كيفية التعامل مع النساء.
وفي النهاية، ثق بأنك لم تتغلب على ذاتي؛ لأنني بعد فراقك ستخلق هذه التجربة مني شخصية أقوى، وإني لأفتخر بذلك سواء رضيتَ أم لم ترض.. فأنت تعلم أنني كنت أستطيع أن ألفظك من حياتي قبل أن تلفظني أنت، ولكنني وهبتُ لك هذا الشرف حتى تكتمل رجولتك، بعد أن اكتشفت أن حبك لم يكن سوى رغبة في امتلاكي واقتلاع جذوري.