التحرر من الحلقة المفزعة

أميمة عبد العزيز زاهد


الكون عبارة عن امرأة ورجل، يكمل كل منهما نقص الآخر، والعلاقة بينهما ليست علاقة تفاضل، وإنما علاقة تكامل، فالرجل لن يشعر بكيانه ورجولته في غياب المرأة، والمرأة لن تحس بأنوثتها بدون الرجل.. وتبدأ المشكلات بين الزوجين في الظهور؛ عندما يتجاهل كل من الرجل أو المرأة طبيعته المختلفة عن الآخر، ويتوقع فعلاً أو ردَ فعلٍ معيناً يتناسب مع طبيعته هو، فالرجل يريد من المرأة أن تفعل ما يودّ هو الحصول عليه، وتتوقع المرأة منه أن يشعر بما تشعر هي به، وكلٌّ منهما يفترض خطأ أنه لو كان الآخر يحبه؛ فسوف يتصرف بنفس طريقته، وسيفهم ما يريد دون أن يتكلم، وهذا الافتراض الخاطئ هو ما يسبب لهما خيبة الأمل المتكررة.


كما أن الاختلاف الجسدي والعضوي بين الرجل والمرأة له تأثير نفسي على الطرفين، وتظن بعض الزوجات أن زوجها قد تغيرت مشاعره تجاهها أو العكس، والحقيقة أن السبب الأساسي هو أن الرجل يحتاج أن يتصرف وفق طبيعته كرجل، كما تحتاج المرأة أن تتصرف وفق طبيعتها كأنثى، ومن الخطأ أن ينكر أحدهما على الآخر هذا الحق، وأن يراعي الفرق الشاسع في أسلوب التفكير واختلافات وجهة النظر لكل منهما للأمور، كمثال فإن المرأة لا تأخذ الأمور كما يأخذها الرجل؛ فهي تحب التفاصيل، بينما الرجل تكفيه النظرة العامة، فلا يهمه ماذا يوجد داخل المنزل، بقدر ما يهمه أن يؤمن مستقبل البيت؛ فهو يهتم بأساسيات المشكلة، لكن المرأة تهتم بالتفاصيل، وتعطيها أحياناً أهمية أكبر من صلب الموضوع، كما أن الرجل يحتاج إلى وقت أكثر؛ حتى يُظهر عواطفه، وقد يعبّر عنها بالعمل، أما المرأة فتعبّر عن عاطفتها بالكلام، فكل من الرجل والمرأة يتكلم لغة خاصة به، قد لا يفهمها الآخر، وقد يتسبب ذلك بالشعور بعدم الأمان أو التعايش بسعادة واستقرار.


ولو راجعنا أكثر الخلافات الزوجية التي انتهت بالطلاق؛ سنجد معظمها أموراً كانت تافهة، تطورت تدريجياً حتى تعذر إصلاحها، ومن المفترض أن يتم خلق جو من الحوار المثمر بينهما؛ ليعرف كل طرف معالم الفروق الفردية، ويكون أكثر قدرة على تحليل وتفهم خصائص ومتطلبات ورغبات الطرف الآخر؛ حتى لا تبدو دوافع سلوكه غير مبررة، ولتلافي الكثير من المشكلات، وبالتالي سيكون كل طرف أكثر قدرة على اتخاذ الفعل أو رد الفعل المناسب.


وحتى نصل إلى تحقيق زواج ناجح بلا أمراض ولا شروخ ولا تصدعات، على الأزواج أن يدربوا أنفسهم على أسلوب الحوار المنطقي والهادئ؛ ليخرجوا من حالة التمزق والتشتت، ويتحرروا من الحلقة المفرغة والمفزعة التي تدور بهم، والعاقل منهم عندما يجد خللاً ما في علاقته الزوجية، سيتداركه، ويعلم بأن لديه بعض القصور في مهاراته العاطفية والاجتماعية، فيقوم بتطوير الوعي العاطفي، وتعزيز وفهم مشاعره الخاصة أولاً، ثم فهم مشاعر الطرف الآخر، لحظتها سيتقبل حياته، بمميزاتها وعيوبها، ويتعامل بإيجابية وتعاطف.