| قالت: «كانت السعادة عنوان ومنهج حياتنا، عشنا الحب في أحاسيسنا والصدق في مشاعرنا، كان اللقاء بيننا متعة توصلنا إلى الإحساس بأن العالم ملك أيدينا، كانت ترتسم ملامح السعادة على وجهه وتصرفاته كلما كانت تنتابني مشاعر الخوف والقلق عليه لو تأخر عن موعد عودته، ويسمعني أجمل ما قيل في كلمات الغزل، ويهمس لي بأحلى وأروع كلمات الحب، كان يشع حيوية ونشاطاً ومرحاً يسعد ويبهج فيها كل من حوله، وأولهم أنا، ولم يمضِ سوى عامين على زواجنا حتى أصابت الشيخوخه المبكرة علاقتنا، وشعرنا بالإحباط ونحن نواجه كابوساً مخيفاً وإحساساً مؤلماً منذ أن تسلل الزائر السخيف لعقر دارنا، وتسور الصمت والملل جدران بيتنا، وتحولت الحياة بيننا لمجرد قرب بالأجساد، وغربة في القلب والروح. لماذا تغيرنا؟ وماذا حدث لنا؟ لقد أصبحنا نجلس لساعات لا أسمع فيها صوته، ولا يسمع صوتي، يأكل وينام ويخرج دون أن يتكلم، وأنا أرتب وأنظف المنزل، وأجهز له ملابسه وطعامه، وكأني آلة مبرمجة، أصبح يتأخر في عمله ولا يتصل بي؛ ليخبرني وأنا لم أعد أشعر بالقلق عليه كالسابق، وكأننا مجرد أجساد صامتة لا تنطق، أجساد فقدت علاقتها بالحياة.
أنا متأكدة من حب زوجي، كما وإني أحبه حباً عميقاً، لذا فقد كنت مستعجبة للمرحلة التي وصلنا لها، ومتألمة من صمته وعدم رغبته حتى في المناقشة، فكرت كثيراً ما الذي غير حالنا، أو بالأحرى ما الذي بدل حاله؟ وماذا أفعل بشعور الملل الذي أصبح ثالثنا ورفيق رحلتنا؟!
وبعد تفكير عميق ومراجعتي لحياتي تأكدت مع الأسف من أن تقصيري هو سبب تغيره، نعم أعترف بأنها غلطتي منذ البداية عندما ظننت أن عطاءه سيستمر طوال حياتنا على نفس المنوال، فقد كنت أنانية، واعتمدت على أنه هو المسؤول عن كل ما يخص متطلبات الحياة، وهو من عليه أن يفكر ويبادر، ويخطط وينفذ كل ما من شأنه أن يسعدني.
قررت أني لن أقف أتفرج على سعادتنا، وهي تضيع منا، ولابد أن أبذل جهداً مضاعفاً، وأن أعيد تخطيط حياتي من جديد، وأتخلى عن أنانيتي؛ حتى نخرج من دائرة الهموم والقلق والتوتر وكسر حدة الإحساس بالملل، وحتى تعود البهجة لمنزلنا وقبلها لأرواحنا ومشاعرنا، قبل أن نصل لمرحلة الشعور بالجمود المميت لكل عاطفة والخانق لأي إحساس، وعزمت أن تكون البداية في تغيير نمط تفكيري السلبي، وسأعترف له بخطئي وتقصيري، وسأقنعه بفتح باب النقاش وتغيير لغة الحوار، فالمناقشة الودية لها مفعول السحر؛ للقضاء على الحالة التي وصلنا إليها، وسأكون له الحبيبة المبادرة والزوجة المنصتة والصديقة المتفهمة، وسأجدد الجو العام لحياتنا الأسرية، واستثمر طاقتي في إشاعة جو من الأمل والمرح والابتسامة التي تتضمن كل معاني المودة والرحمة، ولن أغفل قيمة ممارسة الهوايات التي يحبها، وأدعم علاقاتنا الأسرية والاجتماعية، ولأن قلوبنا عامرة بالحب ستعود بإذن الله درجة الترابط والتماسك بيننا أقوى من البداية»