لصمتي حكاية

أميمة عبد العزيز زاهد


قالت له: ماذا تنتظر بعد أن تمتهن إنسانيتي وتهدر كرامتي؟ هل تتوقع مني أن أستقبلك بالورود وأبتهج ويشع وجهي باالسعادة كلما رأيتك؟.
عفواً عزيزي أنت من أوصلتني لحالة اليأس‏‏ التي أعيش فيها، بسبب سوء معاملتك وإهمالك وعدم تقديرك واحترامك لمشاعري؛ لذا قررت أن أتجنب التحدث معك‏ أو الرد عليك،
فإن لصمتي معك حكاية لا تنتهي، فصمتي ما هو إلا مجرد محاولة لتغيير واقعي الأليم، الذي أرفضه بأضعف الإيمان مع زوج يعشق النكد، أوتار حنجرتك لا تعزف إلا أغلظ الأصوات، وأي خصام بيننا يطول لأيام، ‏ولو تصالحنا لا تتعدى مدة الصلح ساعات، ثم تنقلب مرة أخرى لأتفه الأسباب.. عشت معك ثلاث سنوات مملة، روتينية، مدمرة، كم سعيت خلالها للتوصل إلى صيغة ملائمة للحياة تقل فيها مساحات الخلاف، وتقل فيها أوقات الصمت ففشلت..
‏ وكم حاولت أن أصنع حواراً هادئاً هادفاً بيننا؛ لأجعل علاقتنا قوية أمام أي خلافات تعترضنا، وكم طلبت منك أن يراجع كل واحد منا تصرفاته وأقواله بكل أمانة، ويتعهد لنفسه قبل شريكه بالتخلص مما ينكره عليه الآخر ‏.. ‏ فيصلح كل منا من شأنه‏.. ‏ لتواصل مياه النهر جريانها في مجراها الطبيعي للنهاية ولكن لا حياة لمن تنادي.
نعم فضلت أن أمارس وسيلة السكون والصمت حتى لا تزداد الأمور سوءاً، وحتى أصد سيل اتهاماتك التي تنهال عليّ، وأوقف الطلقات التي تخرج من حنجرتك وتؤذيني، وتترك في نفسي أسوأ الأثر وأنا ما زلت صامدة وصابرة.
فلا تعتقد أن صمتي يسعدني، بل يفقدني الشعور بالأمان فأنت رفيق عمري، والمفترض أن تكون بالنسبة لي الصدر الحنون، والعقل الحكيم، والآذان الصاغية، والقلب الحنون، فأنا كأي زوجه تريد أن تشعر بذاتها وبأنوثتها، زوجة تريد أن تشعر باهتمامك وحبك وحنانك واحتوائك لشريكة حياتك.
لم تكن تحس، وأنا كنت أحترق في كل لحظة، لكي أظفر منك بلفته أو همسة رقيقة، تشعرني أن لي مكاناً في تفكيرك وقلبك، وكم كنت أطمح أن تسود بيننا الألفة والمحبة، والمودة والرحمة والتعاون، ولكن مع الأسف اختل الميزان بيننا.
وأنت ماذا عنك يا زوجي العزيز؟ لم تكلف نفسك حتى أن تعرف بأن هذا الصمت الذي نحيا فيه ما هو إلا نتيجة إحساسي الدائم بالإهانة، حتى تعمق الشرخ بيننا، ومع مرور الوقت اعتبرت صمتي نوعاً من الاحتجاج على الإيذاء المعنوي وسوء العشرة، ونوعاً من المقاومة السلبية لظلمك وردات فعلك التي تضغط على أعصابي، وتكلف وجداني الكثير الذي يسلبني راحة البال وصفاء النفس والأمان، وأحاول أن أتغلب على هذه المشاعر التعيسة بقوة إيماني وصبري، ولكن عزيزي لا تنسى بأني إذا وصلت مشاعري إلى الجمود والتبلد أكثر من ذلك، ‏ فسيكون من الصعب إعادتها مرة أخرى، فأنا أمنحك الفرصة تلو الأخرى، لعل وعسى أن تستيقظ من غفوتك قبل فوات الأوان.