يئست ففشلت

أميمة عبد العزيز زاهد


قالت: كم تعبت من كثرة اصطدامي مع نفسي، للحصول على أقل قدر ممكن من السعادة، ومللت من مواجهتها وما الذي تريده، وما هدفها الذي تود تحقيقه، وما الضغوط التي تصادفها لأخفف عنها، وإلا لم هذا التخبط والحيرة؟ وهل أنا بحاجة إلى ترويض عقلي وقلبي وأنوثتي وعواطفي، أم عليّ الاعتراف بأني أعاني من جفاف داخلي…مزمن صعب علاجه؟…. في البداية ومنذ زمن بعيد كنت أقوم بعتاب محبة بيني وبين قلبي، نقبت في زواياه لعلي أجد فيها أثراً لحنين يجعلني أقاوم، أو أجدد وثيقة الأمل معه، فلم أجد ما يستحق، ولم أكتشف غير قلب مرتجف النبضات، مهتز ومترنح، وكل دوره هو ضخ الدم في عروقي، وعندما طال بحثي وأوشك صبري على النفاذ، وجدت أن العيب في نفسي، وبدأت أبحث فيها وأتسلل إلى خباياها، وأتشعب في دروبها، عسى أن أجد فيها بقايا تفاؤل فلم أجد، وكأن نفسي قد فصلت عن قلبي، وتبرأت من أحاسيسي ومشاعري للأبد،…كل كياني يغوص بعيداً عن عواطفي، وما عدت أحس إلا بجسد يعيش داخل قمم، كمارد سجين في زجاجة تسبح في قرار بحر عميق، وتحولت المعاتبة والمصارحة بالتدريج إلى معركة، تطورت على جميع الأصعدة.. ولم تصمد أمام أي توسلات بالاستسلام أو عقد هدنة مؤقتة للشعور على الأقل بالراحة، فأمنياتي أصبحت أمنيات إنسانه عاجزة …. ووجهي كتمثال شمع صامد…حتى الفرح لم يعد ينبع من أعماقي، ولم أعد قادرة على استخدم حواسي، وكلما فكرت بفكرة جديدة تختنق قبل أن ترى النور، حتى بلغت نفسيتي من العمر أرذله، فأصابتني الشيخوخة قبل أواني…والعمر يجري دون أن أحقق سعادتي، وفي نفس الوقت كبريائي لا يسمح لي بأن أندب حظي، ولا أن أستعجل فرحتي المؤجلة لأجل غير مسمى.. فلا أريد أن أوهم نفسي بالوصول إلى الماء؛ لأني كلما لمسته وجدته سراباً…. صحيح أن من كامل حقوقي كإنسانة أن أبحث عن مصدر سعادتي المشروعة، ومشكلتي تكمن في أن سعادتي ترتكز على العديد من المصادر المتنوعة والمتعددة، واحدة منها في الشرق والأخرى في الغرب، ولكن كانت أقصى أمنياتي أن أجد من يستعمر كل كياني استعماراً إرادياً ذاتياً جميلاً ورائعاً…استعماراً يوافق طباعي…استعماراً لا استقلال بعده ولا مشاحنات فيه ولا نكد، أريد الاحتلال الشامل لكل ما أملك من أحاسيس، وبرغبتي التامة باحتلالي احتلالاً كاملاً دون تجزئة لكياني ولا لعيوبي أو حسناتي، ودون تنازل لمبادئي وقراراتي، أو مساومة لعواطفي ورغباتي، أبحث عن من يخفف عني ويزيح عن كاهلي كل معاناتي، ولكن ماذا أفعل في زمن المصالح المتبادلة…والقلوب المتغيرة…والعقول المتآمرة…والنفوس المتحجرة…والعيون الشاخصة؟…. فكيف لي أن أرسو بسفينتي علي بر الأمان…وأنا محاصرة بصخور وشعب، وكلما أبحرت لأنقذ نفسي تشدني دوامة جديدة لقرار أعمق من ذي قبل؟.. حاولت أن أسبح ضد التيار ولكني تعبت، أو بالأحرى يئست ففشلت …دائماً في أصعب مواقف تمر في حياتي، وأهم لحظة في اتخاذي لقراراتي أشعر بنفسي وحيدة، لحظة مريرة أواجه فيها نفسي لأصل إلى حـل، لأنه لا يمكن لأي شخص مهما كان قربه مني أن يفهمني، أو يشعر بالصراع الذي بداخلي، ولن يحس بثقل آلامي ولا يعرف ما يعنيه الخوف في كياني، والصمت على شفاهي والحزن في أعماقي.