الخيانة بكل المقاييس مدمرة نفسيًّا واجتماعيًّا وعاطفيًّا.. الخيانة بكل أشكالها وأنواعها وألوانها وأحجامها تدل على قلة الوازع الديني، واستصغار المعاصي، وعلى ضعف الإنسان وقلة حيلته وعجز إرادته في التغلب على مشاعره التي تسيطر على كل منطق.. والخائن عادة يجد لنفسه آلاف المبررات والأسباب التي دفعته لطريق الخيانة، وهي أعذار عادة ما تكون أسوأ وأقبح من الذنب الذي اقترفه.
سيدتي.. لقد فكرت بأن تعيشي حياتك كما يحلو لك، وقررت أن تقضي أيامك بالطول والعرض من دون خوف من الله، ومن دون أن تشغلي بالك بزوجك ولا بابنك ولا ببيتك، ولا بأي أمر سوى نفسك، تسألينني لعلك تجدين في إجابتي ما يريح ضميرك وقلبك عما أنت مقدمة عليه، ماذا تريدين أن أخبرك وكيف؟ في البداية هل اقتربت من زوجك وسألته ماذا يريد؟ وما الذي يسعده؟ وما يحب وما يكره؟ هل أخبرته عن احتياجاتك ومتطلباتك؟ هل زرعتِ مكانًا وبصمة في عقله وقلبه وحياته؟ راجعي نفسك، قد تكونين أنت سبب ابتعاده عنك نتيجة إهمالك في أداء حقوقه، فعادة لا يهرب الزوج من دون سبب، فإذا لم يجد في بيته الحبيبة والصديقة والزوجة، وإذا لم يشعر بالحنان والأمان والهدوء والتفاهم، فإنه سيبحث عمن تحقق له ذلك، وأنتِ غير قادرة على إعلان رغبتك أو مشاعرك لزوجك ولا على مصارحته. تشعرين بأنَّك محرومة من الحبِّ ومن الشعور بالحنان، وتحتاجين للدفء والأمان، وتفتقدين أنوثتك. وفي نفس الوقت زوجك بعيد عنك فكرًا وقلبًا وجسدًا، وكنتِ تحلمين بأن يكون زوجك رجلاً مختلفًا، رجلاً يسكنك وتسكنينه، أكيد كنت تتمنين ما تتمناه كل زوجة من زوجها.
عزيزتي: إن المرأة التقيَّة والذكيَّة والمخلصة لآدميتها وكرامتها، حتى لو بعُد زوجها عنها وفعل فيها ما فعل، لا تعلن الحرب عليه بنفس أسلوبه ولا تستخدم نفس ألاعيبه، فلا تبرري لنفسك أي قول أو فعل خارج عن الدين والشرع والعرف والتقاليد والأخلاقيات لتكيلي له المكيال مكيالين وتصفعي الصفعة صفعتين ليشعر بمعاناتك؛ لأنك بذلك تدمرين نفسك وتدمرينه، فلو فتحت أذنيك لسماع كلمة مدح أو استقبال رسالة ثناء، ولو استجبتِ لنظرة إعجاب فسوف تكون بداية النهاية، وستستمرين على هذا المنوال وتتعمقين وتغوصِين في الوحل ولن تتوقفي إلا بعد فوات الأوان، فإن لكل شيء ثمنًا في هذه الحياة.. وكذلك للمتعة والتحلل من القيود الأخلاقية ثمن.. ولرد النفس عن أهوائها وإلزامها بالطريق القويم ثمن كذلك.. وكل إنسان يجني في النهاية ثمرة ما غرس، فمجرد تفكيرك في خيانته تكونين قد خنتِ إيمانك وكرامتك وأمانتك، فعودي لرشدك وإلا ستنتهي قصتك بنهاية حزينة وقاسية ومخجلة ولن تلومي إلا نفسك، وإذا كنت قد تعبتِ من العطاء والتضحية والبذل وأخلصتِ ولم تجدي منه أي صدى فاتركيه، فالمطلقة أشرف وأرحم من الخائنة