إنَّ أبغض الحلال عند الله الطلاق، وأحياناً قد يكون هو الحل الوحيد لبعض الحالات. وتكمن مشكلة الطلاق في أنَّ آثاره وتوابعه لا تتوقف عند الانفصال بين الزوجين، لكنَّها تستمر وتزداد عنفاً، وقد تفوق خسائره كل التوقعات، فتترتب على الطلاق أوضاع اجتماعيَّة، ومفاهيم خاطئة لابد أن ينظر إليها بعين الواقع، فالمطلقة في أغلب المواقف تقف عاجزة عن ممارسة حياتها بصورة طبيعيَّة، فالعقبات تقف حجر عثرة أمامها، هذا عدا التجاوزات التي لا يمكن أن تتخطاها، وعينات غريبة من البشر إلى جانب العادات والتقاليد، ولا أقول الدين؛ لأنَّ الشَّرع منحها حقوقها وأنصفها وكرمها، فماذا تفعل المطلقة عندما تسلب حقوقها، وتهدر كرامتها من قبل زوجها وهو يمارس عليها العنف الجسدي والمعنوي؟ كيف تسترد إنسانيتها ولو كانت عن طريق القضاء فمتى وكيف تحل؟ ولو ماطل الزوج في طلاقها فكيف تتصرف في حضانة أطفالها، واستحقاق النفقة وغيرها، وهي معلقة بين السماء والأرض؟ وعندما يكون الأب مجرد اسم على ورق نجدها تتذوق أصنافًا من العذاب، وقد تتعطل مصالحهم، وتدمر نفسيتهم بسبب عناده أو هروبه من تحمل المسؤوليَّة؟ فكل القرارات المصيريَّة تكون في يد أبٍ لا يعلم عن أمورهم شيئاً؟ ولو انضم الأبناء إلى أبيهم بقوة القهر والسلطة ففي الغالب يحرمها منهم، وقد لا تراهم إلا عن طريق القضاء؟ وقد يمارس أبشع الطرق اللاإنسانيَّة في رؤيتها لأبنائها بأساليب تدمى لها القلوب، كل ذلك من أجل الانتقام منها. وعندما تكون المطلقة موظفة تأتي على أبسط الأمور، ولا تعرف كيف تتصرف وكأنَّها فاقدة للأهليَّة، فنجدها تعاني في الحصول على أبسط حقوقها، ولابد أن يكون لها ولي أمر شرعي عن طريق المحكمة بجانب أنَّها لو رغبت بالسفر، سواء للعمل، أو لمتابعة دراستها، أو لتحسين مستواها المعيشي، أو لأي سبب كان، لابد أن تأخذ الإذن المسبق، وقد يكون من يتحمل ولايتها والدها أو عمها أو خالها، وهناك الكثير والكثير من الاحتياجات التي تحتاج منَّا إلى وقفات، وفتح باب للحوار المنطقي المستند إلى الشرع، فمعاناة المطلقة لا تنتهي، بل تستمر وتبقى كجبل يكبر وينمو لتعيش أصعب مراحل حياتها نتيجة الضغط، فتعدد أدوارها ومسؤولياتها بشكل يفوق أحيانًا قدراتها ويتعدى إمكانات الظروف المحيطة بها، لحظتها تكتشف أنَّ للحياة وجهاً آخر، وجهاً لم تكن تتوقعه عندما تعيش في سلسلة من التحولات في جميع جوانب حياتها.