mena-gmtdmp

حق تقرير المصير

أميمة عبد العزيز زاهد

 

لسبب أو لآخر قد تنتهي العلاقة الزوجيَّة بين اثنين، وهناك من لا يرغب بتكرار التجربة، وهناك من يتمنى أن يرتبط، وتراوده هذه الفكرة ليعوِّض النقص بالحرمان الذي ذاق مرارته في التجربة الأولى، وكلما تعود الإنسان أن يعيش وحيداً يصبح من الصعب عليه بعد ذلك أن يتقبل بسهولة أن يشاركه شخص آخر خصوصياته وحياته. وكل منَّا له الحق في تقرير مصيره في هذه الحياة، وأن يختار ما يناسبه ويوافقه، فلا تفرض عليه حياة لا يقبلها، فالإنسان المسؤول العاقل البالغ الراشد هو نفسه من يقدر احتياجاته ومتطلباته، والزواج سنة الحياة، وليس له مقياس من حيث السن أو الوضع الاجتماعي للمطلقة أو الأرملة، لكن لابد من التفكير العقلاني واتخاذ القرار السليم، وأن يكون هناك احتياج فعلي وإدراك واعٍ لهدف الزواج الثاني، فهو قرار مصيري، فهناك من ترغب بذلك عناداً في زوجها السابق، أو هروباً من حياة معينة أو للتخلص من لقب المطلقة، أو أن يكون قرارها لمجرد أن تثبت لنفسها وللآخرين أنَّها مازالت مرغوبة ومازالت قادرة على العطاء، وقادرة على النجاح في تأسيس أسرة رغم أنَّهم يطلقون عليها لقب «سكند هاند»، وهناك من تعشق الاستقرار، وتتمنى أن تبني أسرة سويَّة سعيدة. ويعتبر الخوف والتردد في الاختيار شعوراً طبيعياً ينتاب كل من تقدم على هذه التجربة لأسباب عديدة، منها خوفها من أن تعاني مرة أخرى من سوء معاملة من الزوج الجديد أو من أسرته، أو تكون ممن مرَّت عليهن فترات عصيبة ومواقف مهينة، وتحمل في أعماقها مشاعر حزينة وجراحاً غائرة، تجعلها تخاف من الفشل للمرة الثانية.

ولا توجد شهادة ضمان لعدم تكرار فشل التجربة مرة أخرى، ولا يوجد ما يمنع نجاحها، فكل شيء وارد. ويختلف الوضع من حالة لأخرى، فمن كانت حياتها الأولى سعيدة ستعيش في مرارة المقارنة، ولو كانت حياتها تعيسة ولديها تراكمات تتحكم في انفعالاتها وترسبات تجعلها تخشى من المفاجآت غير السارة. ومن جهة ثانية هناك مشكلة أخرى، وهي تردد بعض الأسر في قبول زواج ابنهم من امرأة مطلقة، وهذا في حدِّ ذاته يمثل رادعاً يمارسه المجتمع لإشعار الفتيات بخطورة قرار الزواج وقرار الانفصال، وضرورة عدم الاستخفاف بأيهما‏..‏ ولكن هناك من يحرمون بالفعل من السعادة والاستقرار لأسباب خارجة عن إرادتهم، كما أنَّ هناك من حرموا منها لأخطاء ارتكبوها، واستوعبوا التجربة جيداً، وأصبحوا أكثر حرصاً على العلاقة الزوجيَّة، وهناك أيضاً من صادفتهم أقدار كانت أقوى منهم فانهزموا أمامها، وهؤلاء يستحقون دائماً فرصة ثانية للسعادة والاستقرار، ومن وجهة نظري أرى أنَّ هناك العديد ممن أقدموا على الزواج الثاني وقد نجحت حياتهم؛ لأنَّ اختيارهم اعتمد على لغة العقل أكثر، ورغبتهم في الاستقرار والتفاهم كانت أقوى بعد أن صقلتهم التجربة الأولى وأصبحوا أكثر نضجاً.