نعم أنا أحببتك، ومازالت هناك بقايا من هذا الحبِّ، لكني لا أستطيع الاستمرار معك؛ فالزواج علاقة إراديَّة، وفكر يجاري عقلاً ويستمد منه القوة ويمده بالوعي، وإني أستغرب أنَّك مازلت تسألني ألا ننفصل، فلماذا الانفصال؟ أكيد ليس هناك سبب مقنع لك ولمن حولك، لكن أنا لدي أسبابي التي يكفي أن أقتنع بها، فمنذ تزوجتك وأنت تخطط بمفردك، وتصرُّ على تجاهلي كأنثى وكزوجة، وألغيتني من وجودك، ومازلت تطلق العنان لمزاجك؛ يقلبني كيفما شاء وكيف شاء، فأصعد حين يستبدُّ بك الانفعال، وأهبط عندما تخف وطأته، أتأرجح بين اليمين واليسار، وأسير كيفما يريد سخطك أو رضاك، تدمن المفاجأة والتذبذب في كل الأمور، في غضبك، وفي رضاك، في رقتك وقسوتك، ليس لديك منطقة وسط، ولا تمهيد لأستعد فيه لتقبل مزاجك، حتى فقدت القدرة في التنبؤ لما سيحدث لي، ففي ثانية ينقلب حالك من البرودة إلى السخونة، في ظلمك وعدلك، في حبِّك ونفورك، في قربك وبعدك، في حزنك ومرحك. لا تتمكن من الموازنة بين أفعالك وردات فعلك، ولا تمتلك التمييز في الاستجابة للموقف، وتتمادى في كل انفعالاتك بين شدٍّ وجذب، لا تعترف بقانون الاعتدال بين الأمور المتشابهة أو المختلفة. غريب أنت في تحولاتك؛ لأنَّها مجهولة السبب، ولو اعترضت كتمت صوتي، ولو تكلمت أسكتني. لا تريد أن تسمع صوتًا إلا صوتك، ولا تتقبل رأيًا إلا رأيك، بلا أي تقدير لمشاعري، حتى قتلتني معنويًا. وأنا كأي امرأة أحبُّ الاستقرار والاعتدال، أقدر من يحترم انفعالاته بما يتناسب مع الموقف.
بالله عليك أخبرني كم من المرات كنت فيها مجهدة لكنَّك تصرُّ على إرهاقي بطلباتك، وكم من المرات مرضت، لكنَّك تريدني أن أنفذ رغباتك. لا أتذكر طوال عشرتنا أنَّك جاملتني ولو بالكذب، ولا احترمت استيقاظي مبكرًا لعملي. أتتذكر أنك أخذت رأيي مرة واحدة في الزيارات أو حتى النزهات أو الأماكن أو حتى مشاهدة التليفزيون، هل كان لي أي رأي؟ فأنت تقرر بما تنسجم معه من دون أن تسألني عما أحبُّ ولا أحبُّ، حتى مع أبنائي لا تحترم تربيتي وموقفي كأم، وتسفه آرائي أمامهم، وتقلل من شأني لترفع من شأنك مع أنَّ شأنك هو شأني، وكرامتي من كرامتك، ومكانتي من مكانتك.
أرجوك لا تضحك على نفسك وتزعم أننا سعداء؛ لأنَّ هذا الإحساس غير صحيح، أنت السعيد؛ لأنَّك تأخذ ولا تعطي. لم تشعر يومًا بأني أتألم وأتعذب بصمت، لكن لكل شيء نهاية، والعاقل يعرف كيف ومتى وأين يتوقف. ولا تظن كما يصور لك خيالك المريض أنَّ هناك شخصًا آخر في حياتي وأرغب بالهروب. لا يا سيدي فأنا قويَّة وسأظل قويَّة، وسأتحمل مسؤولياتي وسأرحل؛ لأنَّ ليس لدي ما أعطيه لك. وعندما تصل أي زوجة محترمة لمثل هذا الإحساس يكون رحيلها أشرف لها ولمن كان زوجها.