سألتك بمنتهى الصدق والوضوح، وبكل ثقة وحسن نيَّة... أسئلة كثيرة حتى أعرف اتجاهاتك.. رؤيتك.. نظرتك.. في كل الأمور، وكان الهدف من تساؤلاتي الوصول إلى إسعادك من أجل أن ترتاح، وبالتالي أرتاح أنا، صارحتك بألا تهتم بردة فعلي عند إجابتك بكل أمانة وصدق حتى لو صدمتني وأضعفتني وصفعتني في أعماقي، المهم أن أعرف لعلي أتمكن من إشباع تصوراتك ورغباتك. وحتى تمنحني ما أطمح إليه معك، سألتك عن الأمور التي تتمنى أن تراها فيَّ، وما الشيء الذي لم تجده في شخصي لأوجده لك. طلبت منك أن تحدِّد لي مسار تعاملي معك. وعن الأمور التي تسعدك لأفعلها.
سألتك عن أي تصرف قد يشقيك. يزعجك. أو يضايقك لأتجنبه. سألتك الكثير والكثير ولم أسمع سوى إجابة واحدة بأنَّك تحتاج إلى مزيد من الوقت للتفكير في احتياجاتك وما تريده لأنفذه، أصدقك القول. لقد تعجبت من ردة فعلك، وإجابتك غير المتوقعة، وثقتك في نفسك لدرجة الغرور، فقد كانت أعماقي متخيلة الإجابة مسبقًا، لكن خابت كل توقعاتي. وكنت أتمنى أن تقول لي: أخبريني أنت ما الذي تتمنينه. وما الذي تبحثين عنه. تمنيت أن تقول لي: إنَّك رأيت وسمعت منى الكثير الذي أعجبك. تمنيت أن ترد عليَّ بما يحسسني بأنني محبَّة متفانية، وبما يشعرني بمركز القوة وليس العجز. ففي حين كنت أريدك أن تشعر بمدى مكانتك في نفسي. ومدى إحساسي بك، وخوفي عليك أراك وأنت تفكر بكل أنانيَّة في نفسك ونفسك فقط، كيف تريدني أن أتجاوب معك؟ أتكلم أم أصمت؟ أبوح أم أكتم؟ أمدح أم أهجو؟ أنافق أم أجامل؟ فأنت دون أن تشعر تصرُّ على تجاهل شخصيتي وإرادتي الواعية، وبأنني لا أفقه فنَّ الحديث، وجاهلة في إدارة حوار. ليس لديّ القدرة على تلمس مواقف الضعف والقوة.
تحاول أن تسلبني حقي في المناقشة والحوار بطريقتي وأسلوبي، تريدني نسخة متطابقة مع تفكيرك واتجاهاتك واعتقاداتك لأسير على نفس نهجك ومنوالك. أفهمني أرجوك فأنا لا أعرف التصنع أو التجمل في أقوالي وأفعالي، أنا كما أنا، أمامك منذ خلقني الله وحتى نهاية أعوامي القادمة. كلي تعبيرات مكشوفة أظهر ما أبطن، وتتطابق أفعالي. أنا أريد أن أحيا بعفويتي، أتحدث معك وتنطلق كلماتي دون أن أخشى صمتك وغضبك. وأحسب كل كلمة وجملة بالميزان. أريد أن أمارس تصرفاتي دون أن أحذر من أن تفسرها بغير ما أقصدها. إني أعذرك، فالتمس لي بعض العذر. أسامحك، فقدّر تسامحي. أمهلك، فأمهلني قليلاً من الوقت. أصبر على تجاهلك، فاصبر أنت على انفعالاتي. أحاول أن أفهمك لأسعدك، وفي المقابل حاول أنت أن تفهمني لتسعدني، فأنت مرهق وأنا تعبة. أنت حيران وأنا مشتتة. أنت متوتر وأنا قلقة. أنت تحتاج منى الكثير. وأنا أحتاج منك المزيد والمزيد. أنت تبحث عما يخفف عنك ولا تريد مني أن أسألك أو ألومك أو أذكرك. أو أحاسبك وأنا أريدك أن تخفف عني وأطلب منك أن تسألني وتلومني وتحاسبني وتذكرني وتنتقدني، لكن برفق وصدق وعدل، تُرى متى نصل إلى الدرجة التي تستوعب فيها قلوبنا استقرارنا، سعادتنا، ونلتقي بتفكيرنا وحواسنا في منطقة الوسط؟