منذ بداية حياتنا الزوجية قررت أن أهبك عمري وكل وقتي
واهتمامي ورعايتي، وأن أكون لك القلب الحنون والحارس الأمين، وأن أحفظ مالك وبيتك،
وأن أكون لك عونًا وسندًا، فلم أشتكِ يوما أو أتذمر، بل كنت أساعدك وأدعمك وأقف
دومًا إلى جوارك، سنوات وأنا معك قلبًا وقالبًا، روحًا وجسدًا، فكرًا وعاطفة،
منحتك من دون أن أنتظر مقابلاً، فكل ما كان يهمني هو سعادتك وراحتك.. فقد كنت كل
حياتي حتى أدمنت وجودك بداخلي، في كل يوم وكل لحظة، في صباحي ومسائي، في صحوي ومنامي،
في حلِّي وترحالي وغدوي وذهابي، فأنت تعيش بأعماقي، لماذا فجأة بدأ تعاملك معي
يتغير وتصرفاتك تتبدل؟ لماذا لم تعد مشاعرك ولا أحاسيسك ولا عواطفك كما هي؟ ولماذا
كلما سألتك إذا كان هناك ما تخفيه عني، أو أن هناك سببًا لا تريد أن تُطلعني عليه،
هو الذي أوصلك إلى ما أنت فيه، وكنت في كل مرة تلتزم الصمت؟ ومضت بنا الأيام تسير
بشكلها الطبيعي، ونعود ونغلق على أنفسنا باب المنزل من دون أن يسمع أحد صوتًا لنا،
ولا جديد تطمئن به قلبي أو تُسكت به خوفي وقلقي عليك، لكن كما هي الأيام لا تبقى
على حال، فقد تبدّل الحال حين بدأت الشائعات تخترق سمعي مرة تلو الأخرى، ولثقتي
العمياء بك كنت أسكتها، لكنني وصلت إلى مرحلة تزعزعت فيها ثقتي، التي تقبع في
أعماقي وتشعل نار الشك في قلبي، وقررت أن أنهي صمتي، وأبوح لك بما سمعته، وأمام
الاتهامات المدعمة بالبراهين والأدلة اعترفت بأنك لم تخني، ولكنك تزوجت، وأن ما
فعلته من كامل حقوقك، لحظتها انهارت أعصابي، فكيف هان عليك أن تخدعني؟ وكيف طاوعك
قلبك أن تتزوج من امرأة أخرى؟ كيف نسيت مواقفي معك ووقوفي إلى جانبك؟ ولماذا فعلت
ذلك وأنا منْ جعلت لك المنزل واحة لراحتك، وسخرت نفسي لكل ما يرضيك، وأني كنت بداياتك،
عاصرت صعودك خطوة بخطوة، الآن وبكل بساطة وبعدما واجهتك تخبرني بالحقيقة، فإذا كنت
ترى ذلك حقًّا من حقوقك فلماذا لم تخبرني قبل أن تُقدم على الزواج؟ ولماذا أخفيت
عني الحقيقة؟ ولماذا الآن تعترف لي بأنه رغم زواجك، إلا أن قلبك لا يزال معي،
وتريدني أن أصدقك، يا سيدي ما نفع قلبك وأنت منحت عمرك القادم لغيري، فأرجوك لا
تدَّعِ الألم وأعماقك تعيش في قمة الفرح، فأنا لن أقبل أن تنتزع مني امرأة أخرى
حياتي، وفي نفس الوقت لن أتمكن من البعد عنك، فأنا أحبك وأحتاجك... حاولت أن أزيح
بعضًا من الهم الذي سوّر حياتي، بحرقة.. بمرارة.. بندم.. بغصة، وبعد تفكير عميق
بعقلي وقلبي قررت التمسك بك، لكنك نسيت العشرة.. وتناسيت أني أم أبنائك ورفيقة
دربك، وبعد كل ذلك أبحث عنك ولا أجدك، ولو وجدتك أشعر بك إنسانًا آخر غير الذي
عاشرته وأحببته، وأصبحت أنقاض أنثى تعيش ببقايا حب وذكريات، واعترفت بهزيمتي
وأعلنت مقاومتي، حتى أخفف من وقع الهزيمة، وانفصلت عنك جسديًّا، وصبرت عليك طويلا،
وانتظرت بلا جدوى أن تعود لي بفكرك وعقلك ووقتك،
وأصبح كل يوم جديد يُضاعف خسائري النفسية والمعنوية، وها أنا أحاول أن أهيئ نفسي
على تقبُّل الواقع على أنه حقيقة، فما أصعب أن تجد المرأة نفسها في مواجهة امرأة
أخرى تُصارعها على حبِّ زوجها.
أنين المشاعر
لست أقلل من قدر المشاعر، أو أدعو للتمرد العاطفي حاشا لله، لكنني أحذِّر من الذوبان الكامل في الزوج، أدعو لمزيد من النضج وإلى مزيد من ذكاء المشاعر والسيطرة عليها والتحكم بها وقيادتها، لا أن تقودنا هي، وتلك الانضباطية في المشاعر مظنّة الحياة السعيدة، وستقوى معها حبال الود بيننا وبين منْ نحب، فالإسلام علّمنا فن التوازن وربّانا على الاستقلالية النفسية، وألا يكون مصدرها نبعًا واحدًا تجفّ معه العاطفة إذا جفّ! وألا نجعل من شخص واحد القوة الدافعة الوحيدة في حياتنا.
خالد المنيف
همس الأزاهير
أرأيت.. كيف أحيا؟ أرأيت كيف أعيش؟ أنا تلك المسكينة التي تعيش في اللازمان، واللامكان..! هي أنثى، تعبت من جوَّ الحرمان.. هي قلب، يشكو من الآلام.. تناديك: يا روح الحياة، أعِد روحي..! وأرجو «المعذرة».. فقلبي «يُحبك»..!
لُجين حسن مقدم