mena-gmtdmp

لن أفقد أنوثتي!

أميمة عبد العزيز زاهد

لا تنس أيها الرجل أنني أنا بكل ما أملك أمثِّل لك المصدر الأول لسعادتك وتعاستك، وستظل تبحث عني وتحتاجني لأمنحك الدفء، والأمان، والاسترخاء، والتأمل، والنشاط، أيَّها الرجل حتى تستطيع أن تثق بيَّ لابد أن تثق بنفسك، فأنت لن تمنحني الثقة إذا كانت معدومة لديك، كيف تدّعي أنَّك تحسن التعامل في جميع أمورك مع كل من حولك وتجهل كيف تحترم أفكاري، وحضوري، ومطالبي، ورغباتي.. فأنت تريد أن تفكر وتحلم بالنيابة عني، وأن ترى ما تريد أن تراه، وتتغافل عما لا تريد، وتتجسس على أفكاري وخطواتي، وكأنني أحيا مع رقيب لكل سكناتي، ولا ترغب بالاعتراف بأن لي عقلاً يفكر وقلبًا يحب، وعيونًا ترى، وإرادة تقرر، ولسانًا يتكلم، وإحساسًا يتألم، وأنَّ لي نفس حواسك التي أعرف جيدًا كيف أستخدمها. سيدي فإذا كنت متبلدة الإحساس فأنت السبب، وإذا كرهت الحياة معك فأنت السبب، فلا تتمادَ لتدخل وتقتحم مسامي، وتحاول أن تعرف حتى فصيلة دمي وتحللها؛ حتى يخيل إليك أنك ملكت زمامي، واسمي، وأحاسيسي، ومشاعري، وحتى جواز سفري. إنَّ محاولة إثبات ذاتي وكياني في أي أمر يخصني لا يعني ذلك إهدار حقوقك أو حقوقي، كأنك تبرم معاهدة بينك وبين نفسك.. معاهدة غير مسجلة ولا مكتوبة، لكنها مبصومة في وجدانك؛ حتى أكون في دائرة اعتقالك، فعندما وكلت لك بكل رضا مهمة التدخل في حياتي وسمحت لك حتى باختيار ملابسي التي تعجبك ذهبت بعدها؛ لتبحث عن أخرى ونسيت أنني أريد رجلاً لا يفكر، ولا يحلم، ولا ينظر، ولا يغازل غيري وفي حين تنتقد الرومانسيَّة وتعتقد أنَّها كائنات منقرضة وتتهمني بأنني أحيا متأثرة بقصة ليلى وقيس وأعيش على مخلفاتهما الموروثة، تحيا أنت قمة الرومانسيَّة مع غيري.

 سيدي صحيح أنَّك تمتلك القوة، لكنني أمتلك الحق ومع الأسف في بعض الأحيان يضيع الحق أمام القوة، فلا تظن أنَّك كل شيء وأنا لا شيء فتستهزئ بأفكاري وتقلل من شأني، وتقوم بتحقيق كل طموحاتك خارج حدودي وتضاريسي، وبعد كل تجاهلك تتهمني بأنني امرأة لا أمتلك من زمام الأنوثة إلا صفرًا فاقدة للحس.. فلا تتوهم يا عزيزي أنني أريد يومًا أن أفقد أنوثتي بمساواتك، وأطلب تصحيح وضع لا يتناسب مع فطرتي أو أطالبك بغير ما شرعه الله لي، وكل ما أريده أن تترك لي حريَّة الاختيار، ولا تعذبني باتهاماتك المستمرة وانتقاداتك اللاذعة ولا تدفعني لاختيار ما تريده أنت، وفي النهاية لا تنس أنَّ الله قد خلقني من ضلعك، وسواء شئت أم أبيت، فأنا جزء منك وأنتمي إليك، فقد كان آدم وحواء في جسد واحد وكيان واحد، وكانت إرادة الله وانفصلت حواء عن آدم لحكمة إلهيَّة، ثم العودة والاتحاد مرة أخرى بطريقة مختلفة وما ذلك إلا ليكمل كل منهما الآخر.