الأحلام من الألغاز التي تحير الإنسان. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هناك صلة بين أحلامنا وبين ما يحدث لنا في حياتنا؟ وهل هي مخرجنا من الضغوط التي نتعرض لها؟ فالحلم عبارة عن نسيج من الأحداث يكون المسؤول عن صنعها المخ، وقد يتذكر البعض الأحداث التي مرَّت به أثناء نومه، وينسى البعض الآخر منها. ويحلم الإنسان في المتوسط من خمس إلى ست مرات تقريباً، ويستيقظ لبضع ثوانٍ بين الحلم والآخر ليغير وضعيَّة نومه. ولكن نادراً ما يتذكر ذلك، وللأحلام أنواع عديدة لكنَّها تصنف تحت نوعين أساسيين: أحلام تعكس أعمالك طوال النهار، مثل أن تحلم بمكان ذهبت إليه أو بشيء رأيته، وأحلام تبرز قلقك عند تعاملك مع الآخرين في حياتك اليوميَّة، سواء في المدرسة، أو مع أصدقائك، أو في المنزل، أو مع أفراد عائلتك، ولا توجد طريقة صحيحة لتفسير الأحلام، والسبب بسيط؛ لأنَّها لا تعكس إلا ما تشعر به، فهي شخصيَّة للغاية، وكل إنسان له رد فعل مغاير عن غيره من البشر تجاه الأحداث اليوميَّة. وتختلف الأحلام عن الرؤيا، لكنَّها بلاشك وسيلة الإنسان؛ حتى ينفس بها عن الضغوط التي يواجهها، وتعتبر بمثابة العلاج النفسي غير الظاهر. لذا تعد مرحلة التفكير قبل النوم وبعد الإفاقة في الصباح من أخطر الوسائل السلبيَّة على الإنسان، وهو موضوع مهم لحياة الأشخاص النفسيَّة، ومعرفة هل يستحوذ على الشخص التفكير الإيجابي أم السلبي؟ وهي عمليَّة نسبيَّة من شخص إلى آخر بحسب ظروف الإنسان، وشخصيته، وبرامجه العقلية؛ لذا علينا أن نراقب نوع تفكيرنا قبل النوم؛ لأنَّ الإحساس بالإحباط، أو الاكتئاب، أو عدم القدرة على مواصلة أي عمل، أو دراسة بحماس سببه هو البرمجة الذاتيَّة الداخليَّة في عقل الإنسان اللاوعي، ويكون نتيجة ما اختزنه من الماضي، إما سلباً أو إيجاباً، ما يؤدي في البداية إلى الشعور بالتوتر، ومن ثم التفكير الدائم في الموقف المؤلم واستحضاره ليلا وإشغال العقل اللاواعي على الرغم من أنَّ الإنسان نائم، لكن عقله لا ينام، بل مشغول بالموقف الماضي، وقد يصل لدرجة الخوف والرهاب الاجتماعي، وهذا كله بسبب البرمجة الذاتيَّة السلبيَّة، وحتى نتمكن من القضاء على التفكير السلبي علينا عندما نخلد للنوم أن نفكر في النجاح، وفي تحقيق أمنياتنا، وأن نسترسل في المواقف الجميلة التي مرَّت بنا، وأن نختم تفكيرنا بقراءة القرآن، والدعاء، والتوكل، والاستعانة بالله، وفي الصباح سنصبح بقدرة الله بنفس المشاعر الرائعة، وسنغير الأحاسيس السلبيَّة الماضية إلى إيجابيَّة، ويتحول السلوك إلى الأفضل.
أنين
إنَّ أحلامي تجري في دمي..أحلامي هي تلك الأماني التي صورها الشاعر في قوله: الأحلام حلم في يقظة، والأمنيات يقظة في حلم، إنَّه ليس حلماً واحداً، بل أحلام تواصل الركض ما بين الروح والعقل بالفكرة والخفقة بالطموح وبالحزن وبالجنون.
عبدالله الجفري