هناك مثل يقول: إنَّ السعادة إحساس تحصل عليه عندما تكون مشغولا لدرجة لا تستطيع معها أن تحزن. ومع الأسف فالبعض منا يكتشف أنَّ السعادة جاءته متأخرة، أو وجدها بعد أن خسرها، ويفتقد بذلك مباهج الحياة اليوميَّة. وكثيرٌ منا من يتغافل فقد تكون السعادة بين أيدينا، وبجانبنا، وفي متناول أيدينا ولا نراها، ونظل ننظر إليها في يد ووجوه الآخرين، ونجهل أنَّ السعادة نسبيَّة، فقد تكون مرهونة بالأسرة، أو بالمال، أو الأصدقاء، أو المنصب، أو الجاه، أو الحسب والنسب، أو الحب، أو النجاح، أو الوظيفة، أو الترقية، فهل نحن عاجزون حقاً عن أن نشعر بالسعادة أم أنَّ السعادة أصبحت مرتبطة بمواسم محددة ومعينة مثل الأعياد، أو في حفلات الزواج، أو الإجازات؟.. وحتى في هذه المناسبات لا نعرف كيف نستمتع بمشاعر السعادة فيها. ففي بعض الأحيان يغلفنا الحزن ونظل عابسين، وكأننا نغمض أعيننا عن رؤية الجمال الذي من حولنا، وليس لدينا قدرة على أن نستثمر الفرص المتاحة؛ لنسعد بها أنفسنا والآخرين، وكأننا لم نكتف من الهموم التي تملأ حياتنا وتشغل عقولنا، ولم نترك أرواحنا تعيسة، وهل هناك أتعس من أن نحرم أنفسنا من الشعور بالسعادة أو الاستمتاع بها.
إن من أهم وأول الأسباب التي تمنع عنا الشعور بهذا الإحساس هو البعد عن ذكر الله، واستسهال المعاصي بجانب التعامل غير الإنساني وما يصاحبه من حسد، وغيرة، وحقد، وغل، وتشاؤم، وسوء الظن، وكِبر، وغضب، وظلم. وما يجمعنا نحن البشر بأننا حينما تتولد لدينا مشكلة نجد أنَّها أصعب مشكلة في العالم، وتتمركز وتدور حياتنا حولها، ونحاصر أنفسنا بها لتنتج عنها مشاكل أخرى، ونصدق أنَّ تلك المشكلة تندرج تحت بند الحظ السيئ والتشاؤم، وأنَّ حياتنا صعبة، وبالفعل تتحول حياتنا من السيئ للأسوأ، ومن سلسلة لا تنتهي من المشكلات النفسيَّة والمعنويَّة على اختلاف ألوانها وأنواعها، وننسى أنَّ نستمتع بحياتنا، ونفقد القدرة في التركيز على أحلامنا وتحقيق طموحاتنا؛ نظراً لشحن أعماقنا برسائل سلبيَّة استهلكت طاقاتنا الإيجابيَّة على أمور لا طائل منها فإذا أردنا أن نعيش سعداء، وترتاح نفوسنا فعلينا العودة إلى الله بكل جوارحنا، وأن نجعله أمامنا ومعنا في كل حركاتنا وتصرفاتنا وأقوالنا.
علينا أن نصنع هذا الشعور بأيدينا، وأن نصدق ونرى ونعيش ونجسد هذا الإحساس وكأنَّه أمام أعيننا. فكما يقولون إنَّ واقعك هو توقعك. فالإنسان القانع والراضي والشاكر دوماً سيأتيه الفرج؛ قال تعالى: «ولئن شكرتم لأزيدنكم»، فلندرب أنفسنا على الشعور بالسلام والأمان، وعلى التسامح والعفو، وعلى الحلم والصبر.
إنَّها دعوة للفرح والشعور بالسعادة، علينا ألا ندع المناسبات السعيدة تمر دون الاستمتاع بلحظاتها. دعونا نعبِّر عن مشاعرنا في أي مناسبة؛ حتى تتعود وجوهنا ونفوسنا على الابتسامة التي تاهت مع زحمة الحياة.