كُوني جميلة واقرئي

فاطمة بن محمود

يمكن لمستحضرات التجميل أن تجعل من كل امرأة جميلة، وبالتالي أن نتحصل على نساء جميلات في كل مكان وفي كل زمان..
 يا لها من سعادة كبيرة تطرب لها نفوس النساء والرجال.
من الممتع فعلاً أن تنظر كل واحدة فينا في المرآة فتغبط نفسها، وأن ترى غيرها فتشعر بالامتنان أنها أيضاً جميلة مثلها، بهذا المعنى يمكن للأناقة مثلاً أن تكون إحدى متممات السعادة، إذا اعتبرنا تعريف أفلاطون للسعادة أنها "الانسجام بين الرغبات والأهداف"، لأن داخل كل امرأة رغبة في أن تكون جميلة، وأهدافها في ذلك كل ما تعتمده من أجل الزينة، فيحقق لها ذلك نوعاً من الشعور بالرضى، كما يعزز لديها الثقة في النفس والتقدير الذاتي، وهذا ما يجعل من المرأة سعيدة، بذلك يصح أن نقول إن السعادة إن لم توجد حولنا يمكن أن نخترعها بأنفسنا. 
هل يمكن أن نبحث عن شيء مخصوص يميز المرأة، عن لمسة سحرية تجعلها أجمل من كل النساء؟
الجواب: علينا بالكتب.
إننا بحاجة ماسة اليوم إلى حقيقة تجعلنا نأمن شر العولمة المتوحشة التي تهيمن على العالم، بحاجة إلى حقيقة تجعلنا نتخلص من الإرهاب الذي يتسع حولنا، ومن العنف الذي يتمدد في مجتمعاتنا، هذه الحقيقة توجد في باطن الكتب، لذلك علينا بالقراءة، فهي التي تكشف لنا عن القيم الجوهرية التي تجعلنا نتصالح مع ذواتنا ومع الآخرين، وتجعل العالم أجمل ونهتف مع محمود درويش "على هذه الأرض ما يستحق الحياة".
من منافع القراءة أنها تجدد خلايا الذهن، وتقوي الذاكرة، فضلاً على أنها تساعدنا على الاطلاع على المعارف والعلوم والتجارب الإنسانية المختلفة، التي تزيد في إثراء شخصية القارئ، وتمنحه قدرة على التفكير والنقد والاختيار، القراءة هي التي تصقل شخصية المرء، وتهذب سلوكه، وتعلمه كيف يفكر، وكيف يعيش، ومن خلالها نتمكن من اكتساب وعي يساعدنا على التصالح مع ذواتنا، وعلى الاندماج الاجتماعي، وبذلك تضيف لشخصية القارئ لمسة خاصة، تجعل شخصيته أكثر جاذبيةً وسحراً، لذلك ليس بغريب أن أول كلمة قالها الله عز وجل هي "اقرأ" فالقراءة هي الفاصل بين الجهل والوعي، وبين القبح والجمال، وبين العنف والسلام.
كل الكتب صالحة للقراءة ومفيدة للبشر - على ألا تكون كتباً تحرض على العنصرية والكره وتبرر العنف - كل الكتب الفلسفية والفكرية والأدبية والعلمية والتربوية والترفيهية، مفيدة للإنسان، على أن يختار ما يلائم مزاجه، ويستجيب لذائقته، ويستطيع من خلالها أن يضيف توهجاً لتفكيره، وسحراً لشخصيته، قراءة الكتب هي التي تحررنا – نحن النساء - من الجهل والخوف، المرأة التي تقرأ الكتب هي أفضل وأجمل من الآخرين والأخريات. لذلك آن الأوان للمرأة أن تسقط تلك المقولة البائسة "كوني جميلة واصمتي" وأن ترفع عوضاً عنها شعاراً جديداً "كوني جميلة واقرئي".