2/ هو بالأمس

أميمة عبد العزيز زاهد


استكمالاً للحوار الذي دار بين زوج وزوجته، قال لها عزيزتي: من وقت قريب وقريب جداً كنا نتبادل التقدير والمودة، وفي الأمس القريب كنا نعيش أحلى لحظات عمرنا وحبنا…. وبالأمس كانت تنير حياتنا شموع الأمل والتضحية…في ذلك الأمس كنت أنا خاتمة حياتك وحبيبك ونهاية مطافك…. يا له من أمس رائع، حينما كنت أحتل عقلك وتفكيرك وقلبك ونبضك، وكنتِ تستوعبين طموحي وتقدرين ظروفي…

ففي تلك الأمسيات كنا نخطط معاً بداية لحياتنا السعيدة ومشوارنا الطويل المليء بالورود والرياحين، أقول بالأمس، وأردد كنّا؛ لأن إحساسك الخاطئ أوهمك بأني قد أعرف الغيب، وأفهم ما ترغبين به دون أن تتكلمي...

وأن ألبي رغباتك دون أن تبوحي بها، وأعرف ما تتمنين دون الحاجة للإفصاح عن أمنياتك وأي أمر يسعدك بالتأكيد عليّ أن أستشفه من وحي أفكاري، وأعرف كل أسرارك من نظرة عينيكِ، فكيف تريدينني أن أفهم صمتك؟ ليتك تتمتعين بالوضوح، وألا تخفي عني مشاعرك وإن سألتك تقولي: يجب أن تعرفها وتفهمها، ولا حاجة لي بالتصريح بها، بالله عليك أخبريني كيف لي أن أقرأ أفكارك وأخمن طلباتك؟ صحيح أن كل طرف منا مسؤول أن إسعاد الطرف الآخر، ولكن كيف لي أن أتوقع ما تحبينه وما لا تحبينه؟ إن مشكلتك تكمن في رومنسيتك المفرطة، وعدم استسلامك للواقع الذي نحيا فيه بكل علاته، وعدم تقديرك لأساسيات الحياة والدوامة التي نحيا فيها، وتنسين بأنه عليّ أن أركز كل جهودي ووقتي بالتفكير في تحسين ظروفنا، والاستعداد لدخول حياة جديدة بما تحمله من أعباء كبيرة، فأنا لم أنكر أبداً المشاعر والعواطف والأحاسيس، وأحتاجهم كما تحتاجين لهم، وأنتِ تعلمين تماماً كم أنا أحبك، وتشعرين بذلك وتلمسينه في مواقفي الغائبة عن سماء حياتك،

لا بد أن تعرفي بأن لكل إنسان تفكيراً ونمطاً ونظرته المختلفة للأمور، ولكنك تريدين مني التطبيق بطريقتك الخاصة، تتطلبين أن أتفرغ لحبك، وأن أهمل عملي الذي يحتل معظم وقتي، من أجل أن نتحدث عن الحب والغرام والعواطف، يا عزيزتي رومنسيتك لن تلبي متطلباتنا، ولن تبني لنا بيتاً، فأنت يا عزيزتي ما زلتِ تمارسين حياتك من خلال إدمانك على قراءة روايات الحب والعشق التاريخية،

وتعيشين مع قصص الحب الحالمة، والتي لم يصبح لها وجود مع صعوبات وضغوطات الحياة التي تواجهنا، ولم تعد تمارس بتلك المفاهيم التي تتصورينها، فحاولي التغلب على هوايتكِ التي تضركِ أكثر مما تنفعك، فأدركي نفسك ولا تبالغي في الإفراط في مشاعرك، وتصوير دور الضحية المتحملة قسوة جلادها، وصدقيني أنني معك قلباً وقالباً، ولا أتعمد إهمالك يوماً، فأنت تحتلين الجزء الأكبر من تفكيري ومشاعري وأحاسيسي، ولكن بأسلوبي الواقعي، عزيزتي لنعش في تفاهم وسلام، لا بد أن تفهميني وأفهمك، وتعذريني وأعذرك، وتغفري لي وأسامحك، حتى لا نفقد طعم السعادة الحقيقية.