صنّاع الفيلم السعودي «حد الطار»: نجاح الفيلم في «مهرجان القاهرة» مجرد بداية

المنتج التنفيذي فيصل بالطيور، المخرج عبد العزيز الشلاحي، أضوى فهد، فيصل الدوخي، المنتج أحمد موسى في حفل مهرجان القاهرة السينمائي

في حي فقير، في قلب العاصمة السعودية، الرياض، عام 1999، يقع «دايل» ابن منفذ أحكام الإعدام، في غرام «شامة» ابنة مغنية الأفراح الشعبية، غرام بين شخصين ينتميان إلى عالمين شديدي التناقض والتباعد والتعقيد، في مفارقة اجتماعية مبنية على شراء الموت، وبيع الفرح.
من هذه العقدة الدرامية تنطلق أحداث الفيلم السعودي «حد الطار» للكاتب مفرج المجفل والمخرج عبدالعزيز الشلاحي، الفيلم الذي تم عرضه للمرة الأولى ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، خلال الدورة الـ 42 من «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، مسجلاً أول مشاركة رسمية للسينما السعودية في تاريخ المهرجان، ليحصد الفيلم جائزتي «لجنة التحكيم الخاصة»، و«أفضل ممثل» لبطل الفيلم، فيصل الدوخي. «سيدتي» التقت صنّاع الفيلم في التقرير التالي.
«حد الطار»، يحكي من خلال عنوانه الغامض الكثير عن جوهره، الحد هو تنفيذ الحكم، والطار هو الطبل، وما بين صليل سيف منفذ الأحكام، وقرع طبول مغنية الأفراح الشعبية، يتنوع إيقاع الفيلم الذي لا تخلو أحداثه من جرعة مكثفة من الترقب والتشويق، ترقب يدفع المشاهد إلى محاولة الإجابة على السؤال الذي يطرحه عليه الفيلم، حتى قبل أن تبدأ الأحداث ذاتها في الإجابة عليه، هل نستسلم إلى العادات والموروثات والتقاليد؟ أم إلى الحب؟ هل نرجح صوت العقل في كل الأحوال؟ أم أنه علينا أن نصغي أحياناً، إلى صوت القلب؟
هذا السؤال لم يكن محيراً لأحد طوال أحداث الفيلم، أكثر من «دايل»، و«شامة»، اللذين أدى دورهما ببراعة كل من فيصل الدوخي وأضوى فهد، على الترتيب.
الثنائي فيصل وأضوى، استحقا إشادة الجمهور والنقاد، وعلى الرغم من حصد فيصل فقط لجائزة «أفضل أداء تمثيلي» في المسابقة، إلا أن لجنة التحكيم أكدت على أنها كانت حائرة في المفاضلة بين بطل الفيلم وبطلته، وكانت تتمنى لو منحت الجائزة مناصفة، ولكن لائحة الجائزة تنص على منحها لممثل واحد، واستقرت اللجنة بالإجماع على منحها للفنان فيصل الدوخي، والطريف أن من تسلمت الجائزة هي بطلة الفيلم التي اعتبرت جائزة الدوخي بمثابة جائزة لها.


فيصل الدوخي: جائزة التمثيل انطلاقة جديدة في مشواري الفني

فيصل الدوخي نال جائزة أفضل أداء تمثيلي من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
فيصل الدوخي نال جائزة أفضل أداء تمثيلي من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي




الفنان فيصل الدوخي، تحدث إلى «سيدتي» عن سعادته بالحصول على تلك الجائزة التي أسماها بـ «الانطلاقة الجديدة» في مشواره الفني، مؤكداً في الوقت ذاته على المسؤولية الكبرى التي تلقي بها تلك الجائزة على عاتقه، حيث تتطلب منه جهداً وتركيزاً أكبر في أعماله المقبلة.
وعن شخصية «دايل» التي أداها خلال أحداث الفيلم، قال الدوخي: «هي شخصية معقدة إلى أبعد حد، تعيش في صراع نفسي وتشتت عاطفي كبير، ما بين نداء الواجب والمهنة التي ورثها عن أهله وهي مهنة السياف، والقلب الذي تعلق بـ «شامة»، ويدفعه دفعاً إلى أن يترك مهنة أجداده، ويحيا في عالم مختلف، عالم «شامة» الذي يمتلئ بالموسيقى والأغاني والأفراح الشعبية».
الدوخي كذلك أشاد بقصة الفيلم التي كتبها المؤلف السعودي مفرج المجفل، والجهد الكبير من مخرج الفيلم عبدالعزيز الشلاحي، الذي ساعده خلال الجلسات التحضيرية للفيلم على الفهم العميق للشخصية وأبعادها النفسية، وهو ما جعله يضع كل طاقته في محاولة تجسيد هذا الدور على النحو المطلوب.



أضوى فهد: أشكر القائمين على مهرجان القاهرة السينمائي

أضوى فهد والمخرج عبد العزيز الشلاحي مع جائزتي مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
أضوى فهد والمخرج عبد العزيز الشلاحي مع جائزتي مهرجان القاهرة السينمائي الدولي


أما الفنانة أضوي فهد، التي أدت دور «شامة» خلال الفيلم، فكشفت لـ «سيدتي» عن شعورها بالفخر للمشاركة وفريق عمل الفيلم ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي وصفته بالمهرجان الرائع، مثمنةً جهود القائمين عليه في الخروج به على النحو الأمثل، على الرغم مما يعيشه العالم من صعاب نتيجة تفشي فيروس «كوفيد 19»، وما يفرضه ذلك من إجراءات احترازية مشددة، وتوقف شبه تام للكثير من المهرجانات والفعاليات الفنية على مستوى العالم.

وعبرت أضوى عن سعادتها بردود الأفعال الإيجابية حول الفيلم، التي لمستها سواءً من الجمهور العادي أو النقاد الذين التقت بهم خلال فعاليات المهرجان، وأشادوا بكل عناصر الفيلم وتوقعوا له أن يحصد أكثر من جائزة خلال حفل ختام المهرجان، وهو ما حدث بالفعل.

وعن شخصية «شامة» التي أدتها خلال أحداث الفيلم، قالت أضوى إن أبرز ما جذبها لقبول الدور، هو كم العواطف والتناقضات التي تحملها الشخصية، والتي تتأرجح ما بين حب مستحيل لـ «دايل» ابن السياف، الذي لا ينتمي إلى عالمها، وبين حب سابق لـ «سرور» ابن خالها، والذي يعود فجأة إلى الظهور، واضعاً قلب ««شامة» وعقلها في مفترق طرق.
كذلك حرصت أضوى على شكر جميع طاقم العمل، وخصّت بالذكر مخرج الفيلم عبدالعزيز الشلاحي، والممثل فيصل الدوخي، اللذين ساعداها على تقديم الشخصية على النحو المأمول، -بحسب تعبيرها-.

وعن فوز زميلها فيصل الدوخي بجائزة أفضل أداء تمثيلي في المسابقة، قالت أضوى: «هو يستحق هذه الجائزة عن جدارة، وأنا أعتبر أن جائزة فيصل هي جائزة لي، ولكل الممثلين المشاركين في الفيلم، فكلنا قمنا بمساعدة بعضنا البعض أثناء التصوير، لذلك أعتبر أن هذه الجائزة بمثابة تتويج لجهود طاقم التمثيل في العمل ككل».


عبدالعزيز الشلاحي: الفيلم ظل حبيس الأدراج لمدة عامين!

 

المخرج عبد العزيز الشلاحي مع الممثل فيصل الدوخي
المخرج عبد العزيز الشلاحي مع الممثل فيصل الدوخي



أما مخرج الفيلم، عبد العزيز الشلاحي، فيخوض في «حد الطار» ثاني تجاربه الإخراجية في مجال الأفلام الطويلة، بعد أن قدم من قبل 4 تجارب إخراجية لأفلام قصيرة، وكان فيلمه الروائي الطويل الأول «المسافة صفر» قد حصل على جائزة "أفضل فيلم" في مهرجان أفلام السعودية، وجائزة "أفضل إنجاز سينمائي" في مهرجان الإسكندرية السينمائي، وهو من إخراجه، وتأليف الكاتب مفرج المجفل، الذي يتعاون معه مجدداً في «حد الطار».

الشلاحي تحدث إلى «سيدتي» عن كواليس تصوير الفيلم، كاشفاً عن الأسباب التي دفعته إلى التصدي لإخراج هذا الفيلم دون غيره قائلاً: «المجتمع السعودي ملهم، وغني بالقصص التي تستحق التجسيد درامياً، والفيلم يدخل إلى عوالم الحي الفقير في السعودية، وإلى الحياة الخاصة لكثير من النماذج التي نتعامل معها وفقاً لما سمعناه عنها، ووفقاً لما أورثتنا إياه التقاليد والعادات، فمغنية الأفراح الشعبية «الطقاقة»، على سبيل المثال، يدعوها الجميع إلى إحياء أعراسهم ومناسباتهم الخاصة، لكن الغالبية منهم في الوقت ذاته يحتقرونها، ويحتقرون مهنتها، من دون حتى أن يتعاملوا معها، أو يحاولوا الدخول إلى عالمها الخاص، والتعامل معها بشكل إنساني ودونما أية أحكام مسبقة».

ويضيف الشلاحي: «هذا التناقض في تعامل البعض مع مثل تلك الشخصيات هو ما دفعني إلى محاولة تشريحها نفسياً، وتسليط الضوء على الجوانب الخفية في حياة بعض الفئات المظلومة مسبقاً في مجتمعاتنا الشرقية».

وكشف الشلاحي أن الفيلم تمت كتابته في عام 2017، وظل حبيس الأدراج لمدة عامين، حتى جاءته فرصة تمويل ذهبية من هيئة الإذاعة والتليفزيون السعودية، وبالفعل بدأ تصوير الفيلم في عام 2019، بعد أن أعاد مفرج المجفل كتابته بشكل يتناسب وتلك الفرصة الإنتاجية الهائلة، وهو ما دفع المنتج أحمد موسى، والمنتج التنفيذي فيصل باطيور، وشركة «أفلام برودكشن» المنتجة للفيلم، إلى توفير كل سبل النجاح لكي يخرج الفيلم في أفضل صورة ممكنة، ويحقق النجاح الذي رأيناه في مهرجان القاهرة السينمائي، والذي أعتبره مجرد بداية لنجاحات أكثر وأكبر.


راوية أحمد: الفضل في تجسيدي للشخصية يعود إلى أمي

أضوى فهد وراوية أحمد في مشهد من الفيلم
أضوى فهد وراوية أحمد في مشهد من الفيلم




الفنانة السعودية راوية أحمد، تؤدي شخصية «الطقاقة بدرية» مغنية الأفراح الشعبية، خلال الفيلم، وعلى الرغم من صغر سنها، إلا أن ذلك لم يمنع المخرج عبدالعزيز الشلاحي من إسناد دور امرأة أربعينية، وأم لفتاة عشرينية، لها، وعن ذلك تقول: «يحسب للمخرج عبدالعزيز الشلاحي إيمانه بقدراتي التمثيلية، وثقته الكبيرة بي وبقدرتي على تجسيد شخصية درامية تفوقني بكثير من حيث العمر، وما ساعدني على ذلك هو بنيتي الجسدية التي تجعلني من الممكن مع بعض الماكياج أن أبدو أكبر من عمري، وهنا أتى دور خبيرة الماكياج دالين عبد الإله، التي وضعت لي ماكياج الشخصية، ونجحت في تغيير ملامح وجهي، وأضفى الماكياج شحوبًا على وجهي وبشرتي، واهتم بأدق التفاصيل التي جعلت كل من يراني يظن أنني بالفعل سيدة كبيرة في العقد الرابع من العمر.

كذلك تحكي راوية كيف ساعدتها علاقتها المميزة مع والدتها على إتقان الدور، وتوظيف الكثير من التفاصيل الخاصة بوالدتها في الشخصية، حيث كانت تستحضر مشاعر الأمومة التي تلمسها من والدتها، خلال تجسيدها لشخصية «بدرية»، أم الفتاة «شامة».


مهند الصالح: هذا هو سبب نجاح الفيلم!

الممثل مهند الصالح أدَّى شخصية عتيق خلال أحداث الفيلم
الممثل مهند الصالح أدَّى شخصية عتيق خلال أحداث الفيلم


الممثل السعودي مهند الصالح يلعب في الفيلم دور السياف «عتيق»، عم «دايل»، والذي يتمسك بمعتقدات عائلته في ضرورة استمرارهم في توارث تلك المهنة جيلاً بعد جيل، ما يجعله يقف عائقاً في وجه رغبة «دايل» في الانسلاخ من هذا العالم، والفرار إلى عالم «الطقاقات»، الذي لا يقدر «عتيق» على أن يستوعبه.
ويروي مهند كيف تم ترشيحه للدور من خلال صديق مشترك بينه وبين المخرج عبدالعزيز الشلاحي، وكيف اقتنع الشلاحي بقدراته التمثيلية منذ أول لقاء بينهما، وقام بإسناد دور «عتيق» إليه.
وأرجع مهند أسباب نجاح الفيلم من وجهة نظره إلى روح الحب والتآخي التي غلفت أجواء العمل وانعكست أمام الكاميرا، ليخرج الفيلم بتلك الصورة المميزة
«حد الطار»، فيلم يلامس وتراً هاماً في كل نفس بشرية، وهو الصراع الأزلي ما بين العقل والعاطفة، بين ما نريده نحن بالفعل، وما يريده لنا المجتمع وتفرضه علينا العادات والتقاليد.
يُحسب لصناع «حد الطار»، جرأة التناول والطرح، والمستوى الفني المميز، وهو ما جعل الكثيرين يعتبرونه بمثابة قفزة هائلة للسينما السعودية إلى الأمام، في طريق طويل وصعب، لكنه أصبح الآن ممهداً، أكثر من أي وقت مضى.

 

لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي

ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر تويتر "سيدتي فن"