الأمراض الوراثية.. جريمـــة الآباء في حق الأبناء

تتكرر كل يوم في مستشفيات دبي وأبوظبي والمناطق الشمالية مشاهدة لأطفال يعانون تشوهات جسدية، أو إعاقات حركية وذهنية، وهم يعانون أمراضاً وراثية نقلت إليهم من آبائهم، تلك الأمراض الخطرة التي تتزايد معدلات الاصابة بها في الإمارات والدول العربية، نتيجة لنقص التوعية والاهمال.
تستقبل الدكتورة فاطمة البستكي، استشارية الأمراض الوراثية في مستشفى لطيفة، ما يزيد على 400 طفل من هؤلاء المرضى سنوياً، فمنذ اكتشاف إصابتهم بمرض وراثي في الأشهر الاولى من العمر، صاروا مرضى دائمين في العيادة، لفحصهم وعلاج المضاعفات التي تئن أجسادهم الصغيرة منها.
بعض الأمراض الوراثية يحملها الوالدان في جيناتهما بصورة متنحية، ولا تظهر عليهم أية أعراض، لكن عند الحمل ينتقل المرض إلى بعض المواليد، بنسبة إصابة تقدر بـ 25% في كل حمل، وأكثر الأمراض الوراثية شيوعاً في الإمارات عن طريق الصفة المتنحية هي أمراض الدم المنجلية، والثلاسيميا، والأمراض التي تسبب خللاً في عمل الأنزيمات، ما يحوّل بعض الأغذية في الجسم إلى سموم قاتلة.
والنوع الثاني من الامراض الوراثية يحملها أحد الوالدين بصفة سائدة في الجينات، وهي تصيب الأجنة بنسبة 50% في كل حمل، مثل «متلازمة مارفان» التي تسبب طولاً شديداً في القامة والأطراف وأمراضاً قلبية، والتقزم. أما النوع الثالث من تلك الامراض فيكون عن طريق بعض الكروموسومات مثل الكروموسوم «إكس الهش»، الذي يتسبب في إصابة المولود بعرض التوحد والإعاقة الذهنية.
يذكر أن هناك حالات يرجح علمياً أنها ستنجب اطفالاً مرضى، لذلك لابد من نصحهم بإعادة النظر في هذا الزواج، وإذا ما تمسك الطرفان بالارتباط، يصبح أمامهما خيار آخر يتمثل في الإنجاب عبر طريقة الحقن المجهري الخارجي، أي يتم حقن بويضة الزوجة بحيوان منوي للزوج في المختبر، ثم تفحص البويضات المخصبة، ويتم استبعاد المريض منها، وغرس البويضات السليمة في الرحم، ما يساعد على إنجاب اطفال غير مرضى، وهي تقنية متوافرة في الإمارات والمنطقة العربية.
وتحذر استشارية أمراض الوراثة من إهمال فحوص ما قبل الزواج، أو الفحوص التي تساعد على الكشف عن الأمراض الوراثية، منعاً لإنجاب أطفال يعانون أمراضاً لا شفاء منها.