اثبتت الدراسات التي اجريت في كلية الطب جامعة بيتسبيرج على 100 من الأزواج المتطوعين والذين لا يشكون من اي مشاكل ظاهرة، أن 80% منهم يشعرون بالرضا عن الحياة الجنسية بصورة شاملة على الرغم من ان نسبة 50% من الرجال و77% من النساء ذكروا تعرضهم لبعض الاعراض مثل عدم القدرة على الاسترخاء بالإضافة الى الشعور بالإعياء نتيجة ضغوط الحياة وبخاصة العمل والأمور المادية.
وكان العلاج لهذه الحالات يتركز على تطبيق برامج تخفيف الضغوط وبرامج التكيف مع ضغوط الحياة للزوجين وليس فقط العلاج للمشكلة الجنسية . وتمثل هذه الدراسة نقطة تحول اساسية في مجال الصحة الجنسية.
الحالة
السيدة أحلام.ك. تقول في رسالتها، إنها متزوجة منذ نحو 9 سنوات، ولديها أسرة جميلة مكونة من ثلاث بنات، وزوج تعتبره صديقاً وأباً لبناتها؛ خاصةً وأنهم يعيشون خارج وطنهم الأم بحكم عملها هي وزوجها لتأمين مستقبل أفضل لكل العائلة، وتضيف، إنها كانت تستغرب من الحالات التي نتحدث عنها، والمتعلقة بالجانب الجنسي؛ معتقدة أنها وزوجها لا يمكن أن يحدث مثل هذا الأمر معهما، إلى أن بدأت تلاحظ منذ عدة شهور، أن العلاقة الحميمة بدأت تختلف من جانب زوجها، وخاصة أنه يرجع من العمل متأخراً؛ حيث يعمل في وظيفتين تستغرقان أكثر من 12 ساعة يومياً، وعندما يرجع للبيت؛ يكون منهكاً تماماً، وإذا حدث بينهما علاقة حميمة؛ تكون مختصرة، على الرغم من أن الرغبة لديه في نفس الحدود التي تعرفها هي، وتشعر بنفس الرضا، إلا أنها قلقة على زوجها، وبدأت تساورها بعض الشكوك حول ما إذا كانت مقصرة معه، أو أنها قد تكون مسؤولة عن هذا «البرود» الذي طرأ على علاقتهما، مع العلم بأن زوجها يبلغ من العمر 37 عاماً، ولا يعاني من أي مشكلات صحية، وتضيف أنها تثق فيه تماماً من ناحية الإخلاص للأسرة، وتعرف مدى صعوبة وتأثير الغربة عليه، وتسأل: هل يمكن أن نساعدها؛ لتساعد زوجها للاستمتاع والقدرة على الممارسة الحميمة كما كانت في السابق؟
الإجابة:
الأخت السائلة: من الأمور المسكوت عنها في العديد من الحالات، تأثير الضغوط النفسية والاجتماعية على الحياة الجنسية لدى الزوجين؛ خاصة مع التغيرات السريعة في حياتنا الحديثة، وتزايد الأعباء المادية والاجتماعية على كل أفراد الأسرة، ونجد في كثير من الأحيان أن هذه الضغوط قد تصل إلى درجة عالية من التأثير السلبي على القدرات الجنسية لدى الزوجين، وتكون أكثر وضوحاً على الزوج؛ خاصة فيما يتعلق بالرغبة، أو القدرة على الأداء، ولتوضيح مدى تأثير هذه الضغوط على العلاقة الحميمة، هناك عدة نقاط يجب توضيحها.
أولاً: الرغبة ليست دائماً ثابتة عند نفس المستوى، ولكنها تتغير، إما بالزيادة أو بالنقصان؛ متأثرةً بعدة عوامل، منها: التعب الجسدي، القلق، الأمراض العضوية، مثل ارتفاع درجة حرارة الجسم لأي سبب، وغيرها من الأسباب غير الجنسية، ويتطلب العلاج التعرف على المسبب الحقيقي للمشكلة ومعالجته؛ بدلاً من علاج الظاهرة الثانوية «انخفاض الرغبة»، بعد التأكد من عدم وجود أسباب أولية للمشكلة، مثل القلق والاكتئاب عند الشخص.
ثانياً: يتغير معدل وعدد مرات اللقاء الحميم مع مرور الوقت بين المتزوجين، وتزداد فترة عدم اللقاء الحميم، بحيث تأخذ طابعاً روتينياً في بعض الحالات؛ خاصة إذا لم يهتم الزوجان بالعمل على «إنعاش العلاقة»، وقد يحدث ذلك من دون أي اضطرابات عضوية لدى أي من الزوجين، ويتطلب الأمر من الزوجين الانتباه إلى تأثير بعض الضغوط الاجتماعية، مثل الاغتراب، على العلاقة الحميمة.
ثالثاً: من الأمور المهمة في مثل هذه الحالات، ما يتعلق بالرضا الجنسي، وليس بعدد مرات اللقاء الحميم، وهو أمر يندر أن يتحدث عنه الزوجان، حيث يعتقد كل منهما أن المشكلة يمكن أن يتغلب عليها دون لفت انتباه الطرف الآخر لها؛ مما يزيد من التأثير السلبي على الأداء، وفي مثل هذه الحالات، يتطلب من الزوجين أن يناقشا المسألة بعيداً عن الاتهامات، أو حتى التلميحات لما يحدث بينهما، والعمل على إيجاد الحلول، وحتى الاستعانة بالمختصين في هذا المجال.
رابعاً: إليك بعض الإرشادات التي تساعدك في التغلب على هذه المشكلة:
- يجب أولاً أن تناقشي الموضوع مع زوجك، وتؤكدي له أنك متفهمة تماماً لوضعكما، من دون أن تشيري أو تلمحي إلى أي تقصير من جانبه.
-تأكدي من الحقائق العلمية المتعلقة بالتغيرات التي تطرأ على العلاقة الحميمة في المراحل المختلفة من حياة الإنسان، وبخاصة التأثير المتعلق بالضغوط النفسية والاجتماعية على العلاقة الجنسية، وأنها تسبب أعراضاً، قد تكون ذات منشأ نفسي؛ بحيث يتطلب الأمر علاج المشكلة الأساسية، وليس فقط الأعراض الثانوية؛ فقد يعتقد بعض الأشخاص أن العلاج يكمن في أخذ المنشطات، مما يزيد المشكلة تعقيداً؛ بدلاً من حلها.
-التركيز على جودة العلاقة الحميمة، وتحقيق الرضا والإشباع لدى الطرفين يعتبر من الأمور المهمة والجوهرية للحياة الزوجية، ولا يحدث ذلك إلا من خلال التركيز على اللحظة الوقتية، من دون التخطيط المسبق لما يجب أن يكون، أو المقارنة بين الحاصل وما يعرفه الشخص من المقاييس الخاصة.
نصيحة
يجب ألا نستهين أبداً بمدى التأثير السلبي العميق لضغوط الحياة الاجتماعية على العلاقة الحميمة، وما قد ينتج عنها من خلل في الممارسة، قد لا يفهمه البعض من المتزوجين، مما يؤثر سلباً على مستقبل الحياة الزوجية بكاملها.