فتاة اليوم.. وداعاً ست البيت!

4 صور

قيل عنهن «نصف المجتمع»، وتم وصفهن في الحديث الشريف بأنهنَّ «شقائق الرجال»... فهنَّ من يربين الأبناء، وهنَّ من يضفن القيمة على المجتمعات بالمشاركة في مجالات الحياة المختلفة، لكن في ظل عصر تعددت فيه وتنوعت وسائل التواصل والإعلام وكثرت المهام اليومية، أصبحت ترد كثير من شكاوى الأمهات والأزواج إلى الاستشاريين والمراكز الاجتماعيَّة حول تفريط الفتيات والتقصير في الأعمال المنزليَّة، أو دورهن تجاه أسرهن مقابل أمور أخرى أقل أهميَّة، وانصبت أغلب أحاديث الكبيرات في المجالس العامَّة عن الفرق الشاسع بين فتيات اليوم وجيلهن المنصرم، يتخلل بعض تلك الأحاديث ذكر الوقائع الفكاهيَّة المثبتة لتلك الفروقات بشيء من الحسرة.

أسباب تلك الفروقات مختلفة، منها ما ذكرته (ع. ن)، موظفة في وزارة التربية والتعليم بجدة، قائلة: إنَّ الاختلافات تكمن في الأحداث التي وقعت، وبناء على ذلك تبدلت الموارد الثقافية، وترتب عليه تغيير في سلوكيات الأفراد، والمرأة كائن في هذا الجيل يتغير ويتأثر أيضاً. وأضافت نافية مبدأ الأغلبية القائلة بتفضيل «ست البيت» في الماضي على فتاة اليوم، إذ قالت: في الماضي كانت المرأة تتحلى بصفات نبيلة كالصبـر والحياء، وفتيات اليوم أيضاً يمتلكن مزايا لن نستطيع إنكارها؛ كـمواكبة التقدم والحضارة، وحب التوسع في العلاقات الاجتماعية. ثم استدركت كأم فاضلة ومعلمة ترغب بأن يكون الجيل الحالي أقرب إلى الكمال في كافة نواحي الحياة فقالت: ينقص فتياتنا فقط القليل من التمسك بالقيم والعادات الأصيلة، وذكرت إحدى المواقف الطريفة الشائعة بين الفتيات: تهربهن من أعمال المطبخ، خاصة فكرة إخفاء بعض الأواني المنزليَّة المتسخة في الخزائن؛ لعدم الرغبة في غسلها.

جرأة زائدة
ولدى هاني الأنصاري (25 عاماً)، موظف في مجال الدعم الفني بالقطاع الخاص، رأي مشابه، لكن من منظور آخر، إذ قال: الاختلافات في أساليب التربية المستخدمة هي التي تبني وتكوِّن شخصية الفرد، وليست من ناحية الأجيال، فلكل جيل أدواته ومستلزماته، والإيجابي هو من يستطيع الموازنة في أي جيل وجد، كما أن سلبيات هذا الجيل ليست كثيرة، والإعلام هو من يضخمها.
وأضاف: أرى أنَّ الصفة السلبيَّة البارزة في فتيات اليوم هي الجرأة الزائدة لدى الغالبية.

عالم منفتح وأدوار كثيرة
ولبحث الفتاة عن ذاتها في مكان آخر دور أيضاً، إذ قالت أم وليد، (28 عاماً)، خريجة إدارة أعمال: إن عالمنا اليوم كما يقال عنه قرية صغيرة، فالدنيا الآن أصبحت منفتحة بشكل كبير... ومهمة التربية أصبحت أكثر صعوبة على الإناث، بالإضافة إلى اهتمام الفتاة بالتقنية والموضة والطموح خارج المنزل، وهذا حقها المشروع لكي تساير مجتمعها، أما أمهاتنا والأجيال السابقة فكانت اهتماماتهن قليلة لبساطة بيئتهن.
وأضافت أم وليد: كثير من الفتيات يعتمدن على الخدم، ولا يدركن مبادئ رئيسة في الطهي، فذات يوم قررت الذهاب إلى المطبخ والقيام بقلي البطاطس، وما أن سخن الزيت اشتد خوفي من اشتعال المطبخ، فقمت بوضع الماء على النيران واشتعل فعلاً.

عدم تحمل المسؤوليَّة
على النقيض من ذلك ذكرت أمل عبد الله، (28 عاماً)، طالبة في الدراسات العليا قائلة: فتيات الزمن الماضي كنّ أفضل، اليوم ازدادت حالات الطلاق في الدول العربية؛ بسبب التطور السريع وعدم تفرغ الفتاة لبيتها وأسرتها، كما أن قلة الصبر سمة سلبية أساسية في فتيات اليوم، ولعدم تحمل المسؤولية نصيب أيضاً.

أما فاطمة الزهراء، معلمة حاسوب، فقد أبرزت رأياً مغايراً لكل ما هو موجود عند الأكثرية؛ إذ قالت: لا توجد فروقات جذرية بين الجيلين، الفروق ظاهرية فقط، صرعات الأزياء والموضات المتسارعة للفتيان والفتيات والتلفزيون والإنترنت، هذه الأدوات لم تزد قيمة حقيقية، وجعلت العقول تفكر بشكل سطحي، ما جعل المشاكل في تفاقم، بينما جيل آبائنا وأمهاتنا كان أعمق تفكيراً، وأصوب تصرفاً في كثير من المواقف.

ربة البيت اليوم أفضل
الدكتور محمد خيري آل مرشد، استشاري أمراض أطفال، وكاتب في عدة جرائد محلية، شارك في هذا التحقيق قائلاً: هناك تغييرات جذرية، فلكل عصر سماته، وكل تغيير يحمل إيجابياته وسلبياته معه، وهذا يعتمد بشكل كبير على مقدرة الفرد على تحقيق التوازن الشخصي.
وأثنى على فتيات اليوم قائلاً: أبرز ما يميز هذا الجيل تمتعه بالحرية الكافية، التي تمكنه من القيام بما يريد، واهتمام الفتيات بالتكنولوجيا والأزياء بما يضيف لها من فائدة وجمال وهو أمر رائع... ثم أضاف: ربة البيت اليوم أفضل من ربة البيت في الماضي؛ وذلك لتوفر ظروف ومعطيات أسهل لتقوم بمهنتها الأساسية في أسرع وقت.

الفرق في الاحتياجات المجتمعية
الدكتور علي الزهراني، استشاري الطب النفسي، وأستاذ مشارك بكلية الطب بجامعة الطائف، تحدث لـ«سيدتي» عن الموضوع قائلاً: لا شك أن هناك اختلافات بين فتيات اليوم وشابات أزمنة مضت، وهذه سنة كونية تمر بها المجتمعات المتعاقبة، ولكن ما نريد التأكيد عليه هو أننا لا نستطيع أن نصم أي جيل بالفشل أو الأفضلية ما دام فعل الفتاة يتماشى مع السياق الاجتماعي، فما امتازت به فتاة الماضي من غسيل وطهو ومساعدة بالمنزل أو المزرعة قد لا يتناسب مع هذا الجيل، الذي يريدها أن تكون متعلمة أو مثقفة أو شخصية فذة.