في أعماقِ البحر كما في طرقاتِ الحياة، والدها هو منارتُها، وملهمُها، وقدوتُها، وهو أوَّلُ مَن أخذ بيدها إلى الأعماقِ حين رأى فيها ما لم تره في نفسها من عشقٍ للبحر. سلمى شاكر، ابنةُ القبطانِ البحري أحمد شاكر، مدربُ الغوصِ المتخصِّص في علومِ البحار، تُحدِّثنا بمناسبةِ يومِ الأب عن دورِ والدها في حياتها منذ الطفولةِ، وفيما وصلت إليه حتى اليوم. تقولُ سلمى عن أبيها: «والدي كان دائماً قدوتي، ليس فقط في الغوصِ، بل وفي الحياةِ ككلٍّ. شغفه بالبحرِ كان مُعدياً. في الصغرِ، كنت أشاهده كيف يتعاملُ مع البحرِ باحترامٍ وشغفٍ، وهو أوَّلُ مَن أخذني تحت الماءِ، وأوَّلُ مَن آمن بقدراتي قبل حتى أن أكتشفها بنفسي».
ذكرى خاصة

ذكرياتٌ خاصَّةٌ عالقةٌ في ذهنِ سلمى عن والدها منذ الطفولةِ، لا تنساها أبداً. تذكرُ بعضها: «هناك ذكرياتٌ كثيرةٌ مع والدي، منها أوَّلُ بطولةٍ لي في الغوص. لم أكن أعلمُ، وأنا أغوصُ، أن والدي كان موجوداً في البحرِ، وعندما خرجتُ من الماءِ، وجدته أمامي. كان سعيداً بي، وشعورُ الفخرِ على وجهه واضحٌ للجميع».
تحديات
التحدِّياتُ دائماً موجودةٌ في الحياة، خاصَّةً إذا تعدَّدت المهامُّ، إذ يصبحُ من الصعبِ الموازنةُ بينها، لكنْ إن كان هناك مَن يساندُ، ويُشجِّعُ، تصبحُ الصعوباتُ بمنزلةِ منافسةٍ، ولها طعمٌ آخر. تقولُ سلمى عن العوائقِ في مسيرتها: «هناك تحدِّياتٌ كثيرةٌ واجهتها في البدايةِ، لا سيما في كيفيَّةِ التوازنِ بين الدراسةِ والتدريب، إلى جانبِ نظرةِ بعضهم بأن الغوصَ، ليس للنساء! لكنْ والدي، كان يُعلِّمني كيف أواجه كلَّ شيءٍ بثقةٍ ومعرفةٍ، ودائماً ما كان يقولُ لي: افعلي ما تُحبِّين لتُحبِّي ما تفعلينه. وقد حفظتُ، وتعلَّمتُ هذه الكلماتِ منذ الطفولة، وأعيشُ على أساسها حتى اليوم».
يمكنك أيضًا الاطلاع على لقاء سابق مع المصورة العمانية ميساء الهوتي
رقم قياسي

إن كان الوالدُ، هو المدربُ، والمشجِّعُ فحتماً، ستكون البطل، حسبَ سلمى. توضحُ: «والدي هو المدربُ الأوَّلُ، والمشجِّعُ الأوَّلُ، والداعمُ النفسي. هذا أسهم في تحقيقي الرقمَ القياسي في الغوصِ الحرِّ بعمقِ 70 متراً».
خطط مستقبلية
وتضعُ سلمى خططاً وطموحاتٍ كثيرةً، وتعملُ بجدٍّ على تحقيقها، بالتعاونِ مع والدها، إذ تؤكِّد أنه جزءٌ أساسٌ من تلك الخطط. تُبيِّن: «أطمحُ للوصولِ لأعماقٍ أكبر، وتمثيلِ بلادي عالمياً، وأتمنَّى دوماً أن يكون والدي جزءاً من كلِّ إنجازٍ أخوضه».
ما رأيك بالاطلاع على الأب في يومه العالمي.. وردة حمراء لـ «صخرة» العائلة
رسالة يوم الأب
وبمناسبة يومِ الأب، وجَّهت سلمى رسالةً لكلِّ أبٍ وكلِّ أمٍّ بقولها: «قولوا لأبنائكم: أنا أؤمنُ بك. هذه الكلمةُ، تصنعُ المعجزات. آمنوا بأحلامهم حتى لو كانت غريبةً، أو صعبةً، فدعمكم هو أكبرُ قوَّةٍ، يمكن أن تمنحوها لهم».
بدايتها مع الغوص الحر

بدأت سلمى الغوصَ «السكوبا» في عمرِ عشرة أعوامٍ، وشجَّعتها مدرِّبتها مريم شعلان، للمرَّةِ الأولى في درسِ static، أو ما يُعرَفُ بـ «حبس النفس خارج الماء»، على تعلُّمِ الغوص، إذ انبهرت بقدرتها على السباحة، ونصحتها بأن تأخذَ دورةً في المستوى الأول بالغوصِ الحرِّ. واستمرَّت سلمى في التعلُّمِ حتى تمكَّنت من تجاوزِ دورةِ المستوى الثاني مع فريقِ JFS بمدرسةِ جدة في الغوصِّ الحر، قبل أن تسافرَ إلى مدينةِ دهب المصريَّة، وتشارك في مسابقةِ دهب للغوصِ الحر.
وتصفُ الغوصَ الحرَّ بأنه «النزولُ» تحت الماء دون مصدرٍ خارجي للهواء، وتذكرُ: «توجدُ طرقٌ كثيرةٌ حتى يصلَ الشخصُ إلى مستوى معيَّنٍ من القدرةِ على حبسِ النفس لمدةٍ طويلةٍ، وهذه الرياضةُ، تتطلَّبُ قوَّةً جسديَّةً، لكنَّها أيضاً رياضةٌ ذهنيَّةٌ حيث يتعيَّن على الشخصِ التركيزُ والتصميمُ، ليصلَ إلى هدفه».
إليك في يوم الأب.. أبي بطلي الدائم
دور الأسرة
أسرةُ سلمى، كانت داعمةً لها منذ الطفولةِ، فوالدتها ريم الغلايني، تحبُّ البحر، وشجَّعتها ودعمتها على تعلُّمِ الغوص، كما استمدَّت قوَّتها من جدَّتها فاتنة شاكر، أوَّل رئيسةِ تحريرٍ لمجلَّة «سيدتي»، ووصفتها في حوارٍ سابقٍ بأنها إنسانةٌ لكلِّ العصور، قائلةً: «جدَّتي شخصٌ ملهمٌ، وآملُ أن أكون رائعةً وناجحةً مثلها في يومٍ من الأيام. لقد كانت دائماً داعمةً لي، وتعلَّمتُ منها الكثير أنا وإخوتي ووالدي. إنها إنسانةٌ لكلِ العصور». مضيفةً: «في مجالِ الغوصِ الحرِّ، كانت جدَّتي فاتنة، تُشجِّعني دائماً لأقوم بعملٍ أفضل، وتتابعُ ما أفعله أنا وإخوتي».
اتبع شغفك
تنصحُ سلمى، في ختام حديثها، كلَّ فتاةٍ وشابٍّ باتِّباع شغفه، وتجريب ما يشدُّ انتباهه، «فنحن لن نخسرَ حينما نُجرِّب الجديد، والغوصُ الحرُّ من أجمل تجاربِ حياتي. لقد جعلني أكثر درايةً بقدراتي الذهنيَّةِ والجسديَّة، وتفاجأتُ بمدى قوَّةِ العقلِ والجسدِ عندما يتَّحدان. أقولُ لكلِّ شخصٍ: عليك أن تُجرِّب الغوصَ الحرَّ فقد تشعرُ بالشغفِ الذي شعرتُ به، وعليك القيامُ بما في وسعك من أجل تحقيقِ ما تطمحُ إليه».
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط
