mena-gmtdmp

حين تُصبح الأنوثة منتجاً تسويقياً

د. رنا منير القاضي
د. رنا منير القاضي
د. رنا منير القاضي

في عصرٍ، يتسارعُ فيه التغييرُ، وتتزايدُ الضغوطُ اليوميَّةُ، لم يعد الحديثُ عن طاقةِ الأنوثةِ مجرَّد موضةٍ، بل أصبح ضرورةً، تشعرُ بها كلُّ امرأةٍ تسعى إلى الاكتفاءِ الذاتي والجاذبيَّة. التسويقُ لهذه الطاقةِ، يعتمدُ على فكرةِ أن الأنوثةَ، ليست تصنيفاً مجتمعياً، وإنما قوَّةٌ كامنةٌ، يمكن استثمارها لإشاعةِ التأثيرِ الإيجابي في محيطها، لذا تجدُ الشركاتِ والعلاماتِ التجاريَّةَ، تُقدِّم منتجاتٍ وبرامجَ تنميةٍ متكاملةً، تهدفُ إلى إيقاظِ الطاقةِ الأنثويَّةِ لدى النساء، من مستحضراتِ الجمالِ إلى ورشِ العملِ الخاصَّةِ بالوعي الذاتي، كلُّ شيءٍ مبني على وعدٍ واحدٍ: بأن تُصبح المرأةُ أفضلَ وأقوى نسخةٍ من نفسها.

لكنْ، وقبل الانغماسِ في هذا العالمِ، من المهمِّ التمييزُ بين فطرةِ الأنوثةِ، وطاقةِ الأنوثةِ التي يُروِّج لها الإعلامُ بكثرةٍ، ففطرةُ الأنوثةِ، هي الجوهرُ الطبيعي لكلِّ امرأةٍ: الحنانُ، الحسُّ، القدرةُ على التواصلِ العاطفي، ونعومةُ المشاعرِ التي تنبعُ من الداخل. هذه الصفاتُ فطريَّةٌ، ولا تحتاجُ إلى استراتيجيَّاتٍ، أو دوراتٍ لتفعيلها، فهي جزءٌ أصيلٌ من تكوينِ المرأة.

وعلى الجانبِ الآخر، طاقةُ الأنوثةِ التي يُروَّج لها اليوم بشكلٍ كبيرٍ في عالمِ الجاذبيَّةِ الشخصيَّة، تُعدُّ سلوكيَّاتٍ ومهاراتٍ مكتسبةً. قد تشعرُ بعض النساءِ بأنها انعكاسٌ لما يفرضه المجتمعُ أكثر من كونها انعكاساً حقيقياً لذاتهن.

التسويقُ لطاقةِ الأنوثةِ، يهدفُ إلى استغلالِ رغبةِ النساءِ في القوَّةِ والجاذبيَّةِ والتميُّز، بينما يبقى التحدِّي الحقيقي في معرفةِ الفرقِ بين جوهركِ الفطري والطاقةِ المكتسبة، فالقوَّةُ الحقيقيَّةُ، تأتي عندما تتمازجُ الفطرةُ مع المهاراتِ المستحدثةِ، لتكون المرأةُ في أبهى صورةٍ لها: واثقةٌ، متوازنةٌ، وجذَّابةٌ بلا مجهودٍ مُصطنعٍ، أو شخصيَّةٍ مُركَّبةٍ أو مُقلَّدةٍ، تتكرَّرُ صورتُها وطباعُها عند كلِّ النساء.

إن تمكينَ الجوهرِ الفطري لا يكون بالتقليدِ للوصولِ إلى معيارٍ محدَّدٍ، بل في تعزيزِ الشخصيَّةِ والغرائزِ التي وهبها الله لكلِّ امرأةٍ، لتمارسَ يوميَّاتها بأسلوبٍ متوازنٍ، لا أن تُصبح صورةً مكرَّرةً، فلا تنفردُ عن غيرها من النساء.

إذا اعتمدت المرأةُ على تقليدِ الأنماطِ المتداولةِ، أو محاولةِ استنساخِ صورةٍ محدَّدةٍ للجاذبيَّة، فإنها تُصبح شخصيَّةً مُركَّبةً، لكنْ عندما تُستَثمر الصفاتُ الفطريَّةُ لدى النساءِ بشكلٍ واعٍ، تُصبح المرأةُ قادرةً على التألُّقِ، فتعكسُ قوَّتها الداخليَّةَ بشكلٍ صادقٍ على مَن حولها دون الحاجةِ لمحاولةِ الانضمامِ إلى صيحاتٍ سطحيَّةٍ.

باختصارٍ، الفارقُ بين المرأةِ القويَّةِ والفريدةِ، وتلك المُقلَّدة، يكمنُ في ارتباطها بذاتها الفطريَّة، وليس بما يفرضه المجتمعُ من قوالبَ جاهزةٍ، فالفطرةُ، وتعزيزُ الشخصيَّةِ وحدها، تمنحُ المرأةَ التميُّزَ الحقيقي والجاذبيَّةَ المستدامة.