"ما دام صوتي الداخلي صادقاً.. فلن يعلو فوقه رأي أحدٍ".
نعيشُ في عالمٍ، يتكلَّمُ فيه الجميع: أمامَك، أو من خلفك! وأمامَ هذا الضجيجِ، تحتاجُ المرأةُ إلى مهارةٍ واحدةٍ فقط كي تبقى ثابتةً: معرفةُ الذاتِ.
حين تعرفين نفسكِ جيداً، يُصبِحُ لكِ ميزانٌ داخلي لا يختلُّ، ميزانٌ، يُفرِّق بين كلمةٍ تُقال بحبٍّ، وأخرى تُقالُ بجهلٍ، وبين نقدٍ صادقٍ، وجرحٍ متعمَّدٍ، وبين رأي، يُبنى على معرفةٍ، وآخرَ، يُبنى على ظنٍّ. الناسُ تتكلَّمُ.. لكنْ السؤالُ: هل تعرفين نفسكِ كما يعرفونَكِ، أم كما ينبغي أن تعرفيها؟
معرفةُ الذاتِ، تبدأ بقضاءِ وقتٍ مع نفسكِ: تحليلٌ، تفكيرٌ، صراحةٌ، مواجهةٌ ووعي بنقاطِ القوَّةِ والضعف. وما إن تكتشفي حقيقتكِ حتى يُصبح رأي الآخرين مجرَّد "معلومةٍ"، تختبرين بها نضجكِ لا قيمتكِ.
عندما يقولُ أحدهم شيئاً غير صحيحٍ عنكِ، وتشعرين بالصدمةِ، لا تكون المشكلةُ في هذا الكلامِ.. بل في الشخصِ الذي توقَّعتِ منه ألَّا يقولَ ذلك، وهنا تظهرُ نعمةٌ: نعمةُ كشفِ حقيقةِ الأشخاصِ. فهم انكشفوا.. لا أنتِ.
أما إذا كان كلامُهم صحيحاً وفي مكانه، فاستقبليه بصدرٍ رحبٍ، فالصدقُ لا يُخيفُ مَن يعرفُ نفسه، بل يُنمِّيه. النقدُ الصحيحُ هديَّةٌ، والمدحُ الصحيحُ تقديرٌ. في حين، المدحُ الخاطئ يُربك، والذمُّ الخاطئ لا يجرح، فكلاهما خارجَ حدودِ معرفتكِ بذاتكِ.
عندما تعرفُ المرأةُ نفسها: لا تتورَّطُ في الدفاعِ المستميت، ولا تهتزُّ من كلمةٍ، قيلت في غيابها، ولا تتغيَّرُ لتُرضي أحداً، ولا تغترُّ بمديحٍ، ولا تنكسرُ من ذمٍّ، بل تعرفُ ما تأخذه، وما تتركه، وما تتجاوزه.
معرفةُ الذاتِ سلاحٌ؛ يحميكِ من رأي غيركِ، ويكشفُ لكِ حقيقةَ الآخرين، ويجعلكِ تكبرين بالحقِّ، وتتجاوزين الباطل.
"أعرفُ نفسي.. وهذا يكفيني لأسمعَ كلَّ شيءٍ دون أن يهزَّني شيءٌ".





