في عام 2005 جرت الإنتخابات النيابية العراقية مع وضع شرط أساسي هو الكوتا التي تعطي للمرأة ما نسبته 25% من مجموع المقاعد البالغ عددها (328 مقعداً) بغض النظر عن عدد الأصوات التي تحصل عليها. أي أن التنافس يكون بين المرأة والمرأة وتصعد من تنال الأصوات الأعلى بينهن متخطية الرجل حتى لو نال أصواتا أكثر، وقد فازت اثنان وثمانون امرأة بهذه الطريقة ودخلن مجلس النواب ليس بجهودهن الخاصة، ولكن تحت مظلة قانون الكوتا الذي راعى وضع المرأة في المجتمع وحاجتها لفرصة حقيقية لإثبات قدرتها على تمثيل الشعب وتعزيز ثقة الناس بها خاصة بعد سنين الحروب والأزمات التي أعادت المرأة سنين إلى الوراء بعد أن كانت العراقية رائدة في مجالات عديدة حيث أنها أول امرأة تستلم منصب الوزارة في العالم العربي وكان ذلك في أواخر الخمسينيات.
نائبات لا يتعكزن على الكوتا
ولكن يبدو أن صورة المرأة المحتاجة إلى الكوتا قد بدأت بالتغير شيئاً فشيئاً بعد ان برزت خلال هذه السنوات أسماء لنائبات أبدين شجاعة غير متوقعة في فتح ملفات خطيرة قد لا يجرؤ على التقرب منها رجال متمرسون بالعمل السياسي ودخلن في تحدي حقيقي وخضعن للتهديد والمساومة ولكنهن صمدن بشجاعة تحسب لهن، كما ظهرت نائبات ناشطات في مجال الخدمة المجتمعية والاهتمام بالأسرة والمجتمع والصحة والتعليم. واليوم تحصل المرأة على ثمرة هذا الجهود حيث أعلنت قبل أيام نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية لعام 2014 مع مفاجأة كبيرة هي فوز 22 امرأة بأصوات الناخبين ودخولهن تحت قبة البرلمان من دون تعكز على نظام الكوتا أو تمنن من الآخرين.. أي أنهن دخلن بأذرعهن كما يقول المثل العراقي، بعد أن نجحن في إقناع الناخب الذي اختارهن من بين تسعة آلاف من المرشحين الذين ملؤوا الشوارع بصورهم واستثمروا كل وسيلة ممكنة للإعلان عن أنفسهم ابتداء من الملصقات والهدايا وصولاً إلى الأغاني التي تصدح بأسمائهم مروراً بأسماء عشائرهم وتاريخ عوائلهم واتكائهم على الحسب النسب. أما المفاجأة الثانية فهي فوز إحدى النائبات بأعلى الأصوات في محافظتها ( محافظة بابل) وحصولها على 90 ألف صوت وتبوئها المركز السادس في قائمة الحاصلين على أعلى الأصوات على صعيد العراق.
طرائف النائبات العراقيات
• رفض بعض النواب منادة المرأة تحت قبة البرلمان بالنائبة بحجة أن هذه المفردة تعني النَّائِبَةُ: مصيبة شديدة، ما ينزل بالرَّجُل من الكوارث والحوادث المؤلمة والجمع: نَوَاِئبُ. النَّائِبَةُ: الْحُمَّى الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ. لذلك صاروا ينادونها بالنائب.
• بعض النائبات أبدين قوة وحزم وتمسك بالمواقف ونسفن نظرية الجنس الناعم والقوارير وناقصات العقل، وأطلق الناس على بعضهن لقب (أخت رجال وبنت أبوها).
• ترشحت في انتخابات هذا العام ثلاثة آلاف امرأة بعد أن كان العدد 1800 في الدورة السابقة. بعضهن يدخلن السباق للمرة الأولى فيما أعادت بعضهن ترشيح نفسها للمرة الثانية. وقد لاحظ الناس تغيير طلة بعض النائبات وظهورهن بلوك جديد بعد أن خضعن لعمليات تجميل وترميم وتحسين استعدادا للمرحلة الجديدة.
• لم يخرج بعض الناس عن نظرتهم التقليدية المتوارثة عن المرأة، فحين تحدث مشادة بين نائب ونائب تحت قبة البرلمان العراقي يقولون تقاطع أفكار أو تضارب مصالح، أما اذا جرى نقاش حاد بين نائبة ونائبة يقول بعضهم متندراً: "حمام نسوان".
• في سابقة فريدة وغريبة على المجتمع العراقي نزعت إحدى النائبات حذائها وضربت نائباً على رأسه لأنه مس كرامتها بكلام جارح، وقد قوبل هذا التصرف بالقبول من البعض إلى حد أن أحدهم قدم عرضاً لشراء هذا الحذاء الذي انتصر لكرامة المرأة العراقية كما يقول، في حين استهجن آخرون هذا التصرف غير الحضاري، أما النائبة فقد أعلنت أنها غير نادمة على ما فعلت. الطريف أن نتائج انتخابات هذا العام أظهرت فوز هذه النائبة لدورة جديدة وخسارة النائب المضروب.
• ثمة نائبات دخلن البرلمان بالكوتا وخرجن منه دون أن يسمع أحد أصواتهن أو يشعر بوجودهن ما دفع البعض إلى تسميتهن بتماثيل الشمع أو الروبوت، الذي يرفع يده أوتوماتيكياً عندما يطلب منه رئيس الحزب أو الكتلة ذلك. وقد خسر أغلبهن مقاعده في انتخابات هذا العام.
• كان البعض يتندر على بعض النائبات اللائي يلبسن العباءة التراثية، ويقولون إن إحداهن قد انتهت للتو من لف الدولمة أو تقميع البامياء في محاولة للربط بين المرأة والمطبخ. لكن بعضهن أثبتن جدارة كبيرة خلال وجودهن تحت قبة البرلمان وفزن بالانتخابات مرة أخرى ومن دون كوتا.
• تحولت بعض النائبات وللمرة الأولى في العراق إلى وجوه اجتماعية معروفة، وصرن يشاركن في البرامج التلفزيونية ويتحدثن عن حياتهن الخاصة وأسلوبهن في الحياة كما يفعل النجوم والمشاهير.