عين على الشاشة 12/30: "سرايا عابدين"يقتل الأمير فؤاد ثم يحييه

9 صور
عشرات الأعمال الدرامية تعرض بسباق ماراتوني سريع الإيقاع زمنياً، لكن إيقاع أحداثها لا يسير بالوتيرة ذاتها، وهناك أعمال تاريخية راقية شكلاً لكن بروح ولمسة شعبية تفسد أحياناً الروح الأصلية للعمل وتشوه ملامحه.
الخديوي اسماعيل يطلب من فريال هانم إنجاب فؤاد ثان
كما توقعت "سيدتي نت"وقبل ساعات من بث الحلقة الـ12 من المسلسل التاريخي "سرايا عابدين"، أن كاتبته هبة حمادة ستحاول إصلاح تلاعبها بالتاريخ من خلال قتلها الأمير فؤاد الذي لم يمت وأصبح ملك مصر عام 1917 ، من خلال جعل فريال هانم تنجب طفلاَ آخر وتطلق عليه إسم نجلها المتوفي الأمير فؤاد، حتى تجبر ما كسرته بقلمها من حقائق تاريخية ساطعة كالشمس ولا يمكن التسامح بها، حدث ما توقعناه بالفعل، حيث دخل الخديوي اسماعيل فجأة على جناح زوجته فريال هانم (نور) الحزينة على رحيل نجلها الوحيد الأمير فؤاد ليواسيها وقال لها: "فؤاد لم يمت، نظفي سريره، ورتبي ملابسه كالعادة في كل أسبوع، سيعود، أريد فؤاد ثان بعد 9 أشهر، وتخين مثله" وتبادل الغرام معها في غرفة الأمير فؤاد، ولم يكن هذا اليوم لها بل لزوجة أخرى لكنه منح فريال هانم هذا اليوم من باب رغبته بإنجاب طفل آخر منها شبيه بإبنه الراحل الأمير فؤاد حتى ببدانته وحبه للطعام وللشقاوة، وبهذا المشهد حاولت الكاتبة هبة حمادة إضفاء بعض الإثارة والخطورة في الأحداث لكنها لم تختر لا الطريقة الصح ولا المكان والزمان المناسبين، فهل يعقل أن يطلب الخديوي اسماعيل من فريال هانم إبنا بديلا ، ويواسيها بعلاقة غرامية ولم تمض أيام على وفاة إبنهما؟
وهل من المنطق أن تنسيها العلاقة الغرامية مع الخديوي اسماعيل حزنها فتشتعل نيران غيرتها عليه مجدداً وبدأت تستجوبه عن حبه للخادمة شمس (غادة عادل)؟
لم يكن الأمير فؤاد ضحية الكاتبة حمادة الأولى بل كان التاريخ أيضاً ضحيتها الثانية، وهذا الحل السريع قلل من حجم الجريمة، وأضعف وقعها على المشاهد الذكي الذي لا يقبل الإستخفاف به وبعقله إلى هذه الدرجة، أداء نور في هذه الحلقة بدا بارداً جداً، وموقفها كأم غير منطقي ولو كانت زوجة أب لكان مقنعاً ومنطقياً أكثر.
كما لم تقنعنا نور أيضاً بدور فريال هانم بحزنها إطلاقاً، فسيلان كحل عينيها ليس بدليل كافي على بكائها الخال من الدموع أو الصراخ، فالحزن الصامت من أم مكلومة غير مؤثر وغير مقنع حين فوجئت بأن الميت هو إبنها الأمير فؤاد وليس الأمير توفيق فهرولت من الدرج إلى جثمانه تقبل قدميه بصمت وبمشهد بطيء أفقده التأثير العاطفي، وعيناها خلتا من أي دمع، وتفوقت عليها غادة عادل بدور شمس قادين في الحلقة ذاتها بمشهد حزنها على حبيبها السابق السفرجي زينهم (وائل نجم) التي ضحت به على مذبح طموحها، ولم تستطع إلا أن تبكيه بدموع ناعمة تنسال بخجل على خدها، ومهما نفى القائمون عليه تهمة تقليده للمسلسل التاريخي (حريم السلطان) فإنه فعلا نسخة منه وجاء إعدام زينهم بقطع رأسه على المقصلة بأمر مدير حرس الحرملك مشابه تماماً لإعدام ليو الحبيب السابق للسلطانة هيام لكن بطريقة مختلفة وبمؤامرة ذكية من إعداد ابراهيم باشا، وكان موت حبيب السلطانة هيام أكثر ذكاءً وتأثيراً وإيلاماً ورقياً من إعدام زينهم الهزلي في نسخته العربية، وبدا الإخراج هنا ضعيفاً ليس له سلطة، وكأن الممثلات يرتجلنّ من خبرتهن أحياناً أداء خاص بكل واحدة فيهن، حيث نجد مشهدا ضعيفا هنا، ومشهداً قوياً هناك، وكأن هناك عدة مخرجين للمسلسل وليس مخرجاً واحداً صاحب رؤية قوية واحدة للعمل.
(سرايا عابدين) مسلسل تاريخي بلمسة شعبية
وتسبب شفق هانم (مي كساب) بجهلها جراء استعانتها ببصارة محتالة بحريق كبير في جناحها كاد يأكل الأخضر واليابس في القصر ويحرقها مع أبنائها لولا رحمة الله، ويتم إعلام الخديوي، فيقطع خلوته مع فريال هانم، ويذهب إلى جناح شفق هانم، ويوبخها على مرأى من الجميع، ويصفها بالجهل والرجعية وبخلقها بيئة غير صالحة لتربية أبنائه الأمراء، ويهددها إن تكررت أخطاؤها بسحب مهام تربيتها لأبنائها منها، هذا المشهد غير منطقي ولا يمت للدراما التاريخية الراقية بصلة حيث يعرف أن السلاطين والملوك والأمراء لا يفضحون خصوصياتهم أو مشاكلهم أمام الخدم، وعقاب أو توبيخ الزوجات يتم في أجنحة مغلقة وليس علناً على الملأ.