طقوس المصريين في رمضان

14 صور

تبدأ الاستعدادات لرمضان في مصر في منتصف شهر شعبان تقريباً، فمعروف عن الشعب المصري أنه يكثر الصيام في شهر شعبان، وحتى في رجب يفضل المصريون صيام بعض الأيام؛ اقتداءً بالرسول الكريم، وتدريباً للنفس على استقبال الشهر الفضيل.
وهكذا يصوم الجميع كل اثنين وخميس، وكافة الأيام الأخرى التي يستحب فيها الصيام.
بين الالتزام والكسل
يستقبل المصريون شهر رمضان بفرحة وحماسة تتجليان فى ممارسة طقوسه كاملة؛ سواء الروحانية مثل الصوم والصلاة، أو الاجتماعية كالزيارات والعزائم، إلا أن الاختلاف فى ممارسة هذه الطقوس يبدأ بعد الأسبوع الأول من الشهر، حيث يبدأ البعض فى إغفال بعض الطقوس فى منتصف الطريق، وسرعان ما يتخلون عن التزامهم، سواء كان جبراً بفعل المشاغل أو طواعية بفعل الكسل، أو حتى العودة لعادات الأيام الأخرى. بين المواظب على طقوسه والمتخلى عنها يمضى بنا الشهر الكريم.
موائد الرحمن
تنتشر في القاهرة وباقي المحافظات المصرية موائد الرحمن، والتي أصبحت من الرموز والطقوس الاجتماعية التي تلازم شهر الصوم عند المصريين. وهي موائد طعام يقيمها ميسورو الحال؛ لتقدمة طعام الإفطار للفقراء، أو للذين فاتهم الوصول إلى المنازل للإفطار كشرطة المرور والسائقين وعمال النظافة.
بعض هذه الموائد يقيميها التجار، وأخرى يقيميها الفنانون، والبعض الآخر تقيمه المؤسسات الدينية الإسلامية، حيث يتم إعدادها في خيم قماشية، أو في الساحات العامة، وباحات الجوامع أو في الشوارع.
طقوس أخرى
حيث يتم تزيين الشوارع والحارات بالريات والأعلام والبيارق الورقية منذ الأسبوع الأخير من شهر شعبان، بحيث تشهد الأحياء والأزقة في مصر ظاهرة جميلة، تتلخص في ربط الحبال بين البيوت المتقابلة، وتعلق عليها الرايات والفوانيس المشهورة، وغالباً يستعمل المصريون خلال شهر رمضان جملة «رمضان كريم»، التي لها معنيان بصفة عامة: المعنى الأول مرتبط بالكرم الإلهي الذي يغمر المصريين والمسلمين في هذا الشهر، بحيث تغفر الذنوب وتكفر الخطايا، والمعنى الثاني يتعلق بـ«المائدة المصرية» التي تمتلئ بفضل الله بكافة أنواع المأكولات، كل حسب طاقته الشرائية. وتحاول العائلات المصرية في هذا الصدد أن تخزن ما تأكله لمدة أسبوع تقريباً، حتى ينعم الجميع ببركات هذا الشهر العظيم إن على مستوى الروح أو على مستوى «المعدة»، ونتيجة لذلك تعرف الأسواق المصرية إقبالاً كبيراً من طرف المواطنين، الذين يسعون إلى شراء المواد العادية التي تستهلك في رمضان، إلى جانب شراء المواد الأخرى التي تعد بها أصناف الأكل الخاصة بالشهر الكريم، مثل البلح والتمر، والياميش وقمر الدين.
مدفع رمضان
«مدفع الإفطار.. اضرب»! «مدفع الإمساك.. اضرب»!. مع هذه الكلمات التي أحبها المصريون وارتبطوا بها، ونقلوها لعدة دول عربية ويستقر المدفع فوق هضبة المقطم، وهي منطقة قريبة من القلعة، ونصبت مدافع أخرى في أماكن مختلفة من المحافظات المصرية، ويقوم على خدمة المدفع أربعة من رجال الأمن الذين يُعِدُّون البارود كل يوم مرتين؛ لإطلاق المدفع لحظة الإفطار ولحظة الإمساك.
إفطار اليوم الأول
تجتمع العائلة الموزعة على مختلف المناطق أو المدن، في مصر تجتمع في منزل الأسرة الأم -ضرورة- للإفطار جماعة، والإبقاء على خاصية التجمع العائلي داخل الشهر المعظم. وبعد الأذان مباشرة يشرب عصير «قمر الدين»، أو مشروب «خُشَافُ رمضان»، وهو عبارة عن خليط مكون من تمر وزبيب وتين وبلح، مغلي في الحليب يقدم كمشروب لإنهاء يوم كامل من الصيام. بعد ذلك يؤدي الجميع صلاة المغرب؛ ليعودوا مباشرة إلى المائدة حيث تنتظرهم وجبة دسمة كاملة، تجمع بين مكونات فطور وغداء الأيام العادية، ذلك أنك تجد جميع أصناف الأكل موضوعة على المائدة، من لحم وسمك وخضر وغير ذلك من المأكولات التي لا تتناول عادة إلا في وجبتي الغداء والعشاء.
وبصفة عامة، لا توجد أصناف خاصة برمضان على مستوى الأكلات الدسمة، لكن بالنسبة للحلويات هناك أنواع خاصة بالشهر الفضيل مثل: «الكنافة» التي تعد من الأطباق الشهية التي تعد في رمضان، بحيث تجد فرناً خاصاً في كل شارع تقريباً توضع فيه «المادة الخام»؛ لصنع الكنافة على شكل خطوط دائرية فوق صفيحته الحديدية، حيث تنضج الكنافة على نار هادئة، وتصبح منتوجاً ذا مذاق حلو قابل للاستهلاك. وإلى جانب الكنافة، هناك «البسبوسة»، وهناك بعض الحلويات الأخرى المميزة لشهر رمضان الكريم في مصر.
صلاة التراويح
بالرغم من أن صلاة التراويح في مصر أصبحت ظاهرة عادية أن ترى جميع المساجد عامرة بالمصلين؛ حتى يخرج العشرات إلى الشوارع للصلاة، إلا أن مسجد عمرو بن العاص أكبر وأول مسجد بني في مصر يظل أكثر المساجد حظاً في عدد المصلين والذين يصل عددهم ليلة القدر في ليلة السابع والعشرين من رمضان إلى ما يقرب من نصف مليون مسلم من مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية، بل إن الكثيرين منهم من خارج مدينة القاهرة أتوا من المحافظات، أو من أبناء الدول العربية والإسلامية حرصوا على صلاة التراويح، ويكون المشهد رائعاً عندما يمتلئ المسجد عن آخره، وتمتلئ الشوارع والأزقة والميادين المحيطة بالمسجد في تظاهرة جميلة أثناء تأدية إحدى شعائر المسلمين.
الجميع فيها ينتظر رحمة من ربه، وتجاوزاً عن سيئاته ونصراً لأمته.
السحور
كما هي عاده المجتمع المصري تجتمع العائلة على مائدة المسحور الذي غالباً ما يكون خفيفاً. فما أجمل رمضان في مصر الجو الروحاني والتعاطف والتراحم الأسري فيه يغمرك بشكل يخفف معه تعب الصيام.