لا يجب دائماً قلب الصفحة، أحياناً ينبغي تمزيقها (مالك حداد)
ماذا بعدَ هذه الطفرة الحرجة؟ ما أقصده هنا على وجه التحديد هو ماذا بعد هذه «الغيرة المتجذرّة بمشاعرنا»؟ إلى أين سنصل مع كل هذه البقايا المترمدّة بداخلنا؟ وكم ينبغي علينا أن نركض خلفهم؟ حتى ندرك قيمة الوقوف على حافة اللاشيء من غيرهم، فـالكثير من الاستفهامات المتطرّفة، لا تحيلنا عن فخاخ الأجوبة الراقدة في عدمِ السؤال.
لا ضير من تكرار المشاهدة، ككل مرة كانت تتلو الأخرى، لكن ما الذي أرجوه بعد، من حبٍ كان لي يوماً، وباتَ لغيري؟ ما الذي يجعلني أبقى للآن، رغماً عن الشتات الذي يُصيّرني للهلاك؟ لم أكن قط من خونة الذكريات، ولن أكون، لكن لماذا عانقت أنتَ عوالمهم بهذا القدر من الخيبة؟ لماذا بعتَ أُبهة غرامنا بأبخسِ الأثمان؟
لم نكن سوى نزلاءِ ذاك الحب العظيم، لذلك سنبقى نترقبهم دوماً مع كلِ استيقاظ لنوارسِ الصباح، فلا شيء قد يبعدنا عن معانقة فراغهم إلا أن تقبرنا الحياة، ونحنُ بملءِ الحنين، قد نبقى كثيراً على أحلام، وعلى وعودٍ كانت تربطنا بهم كمعجزةٍ خفيّة، لكن أن نبقى عليهم رغماً عن حبهم الجديد، ورغماً عن دهسِهم لذكرياتنا المُخلدة بين مداد الحياة بذكريات أخرى برّاقة وبسهولة، حتماً هذا هو البؤس العاطفيّ الذي كنّا نخشاه كثيراً.
نغار دوماً على كلّ من يكونون بـمقربة منّا، لكن يجب أن تنصهر وتنتهي تلك الغيرة فور إعلانهم لبدايةٍ جديدة، باتت تربطهم بغيرنا، فكلما زادت الغيرة عن منسوبها الطبيعيّ، لامسنا قاع الوجع بمرارةٍ لا نستسيغها، وها أنا أخيراً قد تركتك لبداياتك الحالمة، تركتك لفقركَ العاطفي، ولكلِ الأيام التي ستقتص وجعي منكَ يوماً، كن هنا بجوار الآه أو بعيداً عنها، لكنك حتماً ستواجه الأسى مستقبلاً، وستتذكرني جيداً بـِلهفةِ طفلٍ ضائع، لكنك للأسف لن تجد حنان الأم فيّ مجدداً