شرطيات دبي في فرقة الخيالة والخطوة القادمة الدوريات

22 صور

وجود المرأة الإماراتية في فرقة الخيالة النسائية في شرطة دبي ليس وجاهة أو استعراضاً أو تكملة عدد، بل ضرورة يحتمها واقع الحياة، والحاجة لوجود العنصر النسائي في كافة أقسام وإدارات الشرطة، وكذلك إصرار المرأة الإماراتية على المنافسة وخدمة الوطن.
«سيدتي» زارت مقر فرقة الخيالة النسائية في شرطة دبي، والتقت بالشرطيات الفارسات القادمات من مختلف الفروع والمشرفين عليهن، وتحدث الجميع بشفافية عن واقع المرأة الإماراتية، وعن مبررات وجودها في فرقة الخيالة، وعن الخطة المستقبلية لهذا الوجود.


أثق في قدرة المرأة ووجودنا ضروري
«لم أستغرق الكثير لأستعيد رشاقتي، وأعترف أنني خفت في البداية، ولكن الخوف بحد ذاته دافع»، هكذا واجهتنا الملازم أول حليمة السعدي، خريجة قانون، وهي تتحدث عن أول يوم تتدرب فيه على الخيل، مع فرقة خيالة شرطة دبي، وبرغم عملها في مكافحة الجرائم الإلكترونية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية، فإنها اعترفت لنا: «أحب الرياضة وأمارسها على الدوام، ومارست الفروسية لفترة بسيطة قبل التحاقي بفرقة الخيالة النسائية في شرطة دبي، ولا أنسى لحظة تسلّمي التعميم الصادر من القيادة بإقامة دورة للخيالة النسائية، للعاملات في شرطة دبي ممن يتمتعن باللياقة الصحية، دون تحديد للعمر، فلم أتردد لحظة واحدة، وسجلت اسمي على الفور».
وأبدت حليمة شغفاً بالخيل وهي تصفها: «إنها مخلوقات لها أحاسيس كالبشر، يجب التقرب منها بالمسح عليها، إلى أن تبدأ بالتآلف معنا، والآن يكاد يمرّ عام على التحاقنا بالخيالة ونحن الفوج الأول، ومازلنا نتدرب بمعدل يومين في الأسبوع، ولم نعد نحتاج لمدرب معنا حالياً؛ لأننا عرفنا الأساسيات المهمة ونتابع التدريبات للحفاظ على اللياقة».
وتتذكر حليمة أول تجربة ميدانية، حيث كانت الفرقة النسائية من ضمن مسيرة الاحتفال؛ بمناسبة اليوم الوطني، وخلال البروفات، وبينما كن يتمشين في الممزر على ظهور الخيل، تقول حليمة: «كنا نلمح البهجة في عيون الناس ونحن نمر أمامهم، فحتى عمال النظافة كانوا يلوحون لنا ويلتقطون الصور لنا بهواتفهم، وكان الأطفال يصرخون بشقاوة، وبدأ بعض السائقين يعبّرون عن فرحتهم وإعجابهم بإطلاق أبواق السيارات، غير مدركين أنهم بذلك يخيفون الخيل، ويجعلونها تجفل، وأصبحنا في موقف صعب؛ نحاول من جهة الحفاظ على فرحة الناس، وفي الوقت ذاته السيطرة على الخيول».

العمل كالرجال
لا تخشى حليمة المشاركة في الدوريات الأمنية في الفرجان والحواري، وتقول: «متحمسة؛ لأنني سأمارس العمل الأمني وأخدم وطني، فأنا موظفة لحماية الناس، فوجودنا لم يعد شكلياً فثمة حاجة لنا. والمرأة تتميز على الرجل بقدرتها على الاهتمام بالتفاصيل أكثر»، وتتابع ضاحكة: إنها تستطيع النظر في كافة الجهات دون أن تلفت النظر، كما الرجل، وفي أعمال التحريات ممكن أن تنجح أكثر من الرجل، و«أقولها بكل ثقة».
وفيما إذا كان عمل المرأة في الشرطة مريحاً، صمتت لبرهة، ثم ابتسمت قائلة: لا يوجد شيء مريح، لكني أشعر أن لعملي أهمية، وأشعر بكثير من الفخر، ويكفي أنني عندما أساعد شخصاً أشعر فرحته مردوداً لتعبي.

تحديت خوفي وتجربتي مؤلمة
رغم خوفها من الحيوانات، إلا أن العريف أول نعيمة حميد، من قسم شرطة المرقبات، أرادت خوض التحدي، وأسرّت لـ«سيدتي»: «لديّ فوبيا من كل الحيوانات، وأردت كسر الخوف، والوحيد الذي تعودت عليه بعد جهاد نفسي هو الخيل، لكن باقي الحيوانات مازلت أخافها، وكسرت الخوف للوصول لما أريد ولحبي للتحدي، حتى ولو كنت سأتحدى نفسي والقيام بشيء أخشاه. وفي أول مرة ركبت الخيل حاولت أن أكون واثقة، وكنت أقترب من الحصان، لكن ما إن يقرّب وجهه مني حتى أرتعب، وأبتعد خائفة، ومعاناتي الكبرى كانت مع تركيب اللجام، لكن بعد ثلاثة أسابيع بدأ الخوف يتلاشى. وأصبحت علاقتي بالخيل جميلة الآن، وأشعر بالشوق لحصاني، وقد وقعت عن ظهر الخيل في البداية كثيراً وتعرضت لإصابات، ورفستني أكثر من مرة، لكني تجاوزت الأمر وكنت من المتميزات في الدورة».

حلم الطفولة وحماس للدوريات
رقية شيبة، برتبة عريف، كانت تجري على الحصان بثقة، وقد حدثناها وهي على ظهر الخيل، فأسرّت لنا: «كنت أحلم منذ طفولتي بالعمل في شرطة دبي، وكنت أقول لوالدي وأنا في الصف السادس الابتدائي إنني سأصبح شرطية، والحمد الله تحققت أمنيتي، وجودي في هذه المهمة يشعرني بالأمن والأمان، وقد تغير أسلوبي وتعاملي في المنزل نحو الأفضل، وأصبحت عسكرية حتى في المنزل، مع أسرتي ومع أبنائي، فهم يسمعون كلامي، مع أنني لا أقسو عليهم، ولكني منضبطة وأعلمهم الانضباط، وأن ينفذوا مهامهم على أكمل وجه، وعملنا هنا في الشرطة، والخيالة ليست وجاهة، بل هناك حاجة حقيقية لنا، وأشعر بالحماس للمرحلة القادمة عندما سيتم إدخالنا في الدوريات، فوجود المرأة بات حاجة ملحة في كل الأماكن والمهام؛ لنستطيع خدمة الوطن والناس».

هاجمني الحصان وسيطرت عليه
أما العريف حصة إبراهيم الجسمي، فتعمل في شرطة دبي منذ 11 سنة، وتحب الخيول كثيراً، وما إن تم الإعلان عن الدورة حتى كانت أول الملتحقات، وتقول: «شجعني أبنائي الستة، ولكن زوجي لم يكن راضياً، لكنه وافق عندما شعر بمقدار رغبتي بالأمر، والحمد لله لم أواجه أي صعوبات، واستطعت تجاوز خوفي، وكان كل شيء سلساً خلال التدريبات، ولكن في مرة هاجمني الحصان، لكني استطعت السيطرة عليه، وممكن للخيل أن يهاجم الفارس ويجري. أما أول يوم لي في التدريب فكان متعباً، خاصة الركوب، وكنا نجد الأمر صعباً دون مساعدة»، وعن الدوريات المرتقبة في المرحلة القادمة، قالت حصة: «لست خائفة، بل على العكس فيجب أن نتعلم أكثر وندخل كل الميادين وأن نواصل التقدم، فدورنا لم يعد شكلياً، بل هو أساسي في الشرطة وفرقة الخيالة».

وجودنا ليس وجاهة
كانت العريف أول شمسة الحاج، شديدة الحماس، وقالت بثقة: «شعرت بقيمتي أكثر وثقلي في المجتمع، خاصة بعد أن اكتشفت أن وجود المرأة في شرطة دبي، وفي فرقة الخيالة النسائية، ليس كمالياً أو ديكوراً أو وجاهة، بل ثمة حاجة ملحة وحقيقية لوجود عنصر نسائي، وتتطلب الكثير من الحالات وجودنا، والمرأة الإماراتية لا تقل أهمية أو كفاءة عن الرجل، فنحن قادرات على الاضطلاع بكل المهام ومشاركة زملائنا مهامهم، بل ثمة أماكن يكون وجودنا أكثر أهمية من الرجال».
وتعترف شمسة: «كانت أسرتي خائفة عليَّ ومترددة، ودائماً ما كنت أسمع عبارات مثل: قد تقعين وتتعرضين لمكروه، ولكن فيما بعد أحبوا الفكرة، وشجعني ابني، 5 سنوات، وابنتي، 8 سنوات، وكل يوم يطلبان مني اصطحابهما لركوب الخيل، وبما أنني كنت في الأساس فارسة، شعرت بالاعتزاز بأن أحوّل هوايتي الشخصية إلى مهمة أمنية، فأنا أمثل شرطة دبي وأساهم في حماية الناس».

كبوة الفارسة
أكثر المواقف طرافة التي حدثت لشمسة، روتها لنا ضاحكة: «في أول يوم تدريب، وقعت عن ظهر الحصان، وكنا نتعلم المشي، وهناك مراحل هي: مشي، ثم خبب، ثم جري، فانطلق الحصان راكضاً، وأنا بالكاد بدأت، ومع أنني كنت متدربة سابقاً، لكن انقطاعي جعلني أنسى كيف أتصرف.

مصاعب وعقبات
الملازم خالد عيسى الياسي، رئيس قسم الخدمات الاجتماعية في إدارة الخيالة، والمشرف على تدريب فرقة الخيالة النسائية، روى لـ«سيدتي» تجربته مع الفرقة والعقبات التي واجهتهم أثناء التدريب، وقال: «التعامل مع الخيل، سواء للرجل أو المرأة، صعب في البداية، وعادة ما يكون الأمر أكثر صعوبة للمرأة، لكن مع الوقت والتدريب يغدو الموضوع عادياً، والرجل أكثر قدرة على التعامل مع الخيل بحكم بنيته الجسدية، لكن اليوم المرأة الإماراتية أثبتت جدارتها في كافة الميادين، سواء في سباقات القدرة أو العمل الشرطي، وأثبتت كفاءة في القدرة على التعامل مع الخيل».
وعن الفترة التي يستغرقها تدريب الخيالة النسائية ليصبحن جاهزات للعمل، قال: «يختلف الأمر بين شخص وآخر، ويمكن للشرطية تخطي كثير من المراحل خلال شهر، والتمكن من ركوب الخيل والجري وغيرهما، وعن الرؤى المستقبلية لعمل فرقة الخيالة النسائية، قال الملازم خالد: «في البداية استخدمنا الخيالة النسائية كتجربة في الفعاليات والاحتفالات، وشاركن بنجاح في أكثر من فعالية، وأثبتن كفاءتهن على مستوى عالٍ، وتدريجياً نسعى لإقحامهن في العمل الشرطي والدوريات. وقد أصبح لدينا 12 فارسة من المجموع الكلي لفرقة الخيالة في شرطة دبي، والتي تبلغ 70 فارساً وفارسة. أما عن الفترة المتوقعة لإقحامهن في العمل، فذلك يعتمد على مقدرتهن على تجاوز المرحلة الأولى، وبعدها سنبدأ بالخطوة التالية؛ وهي العمل الشرطي والدوريات الليلية، ولكن مازلنا متحفظين بالنسبة لأعمال الشغب، فحتى في الخارج لا يوجد شرطة نسائية في أعمال الشغب. ووجود العنصر النسائي، سواء في الخيالة أو غيرها، ضرورة ملحة، ووجود المرأة والرجل في الفرقة مهم للعمل، وهناك ظروف تحتاج وجود المرأة تحديداً».

إدارة الخيالة
المقدم خبير محمد عيسى حسن العظب، مدير إدارة الخيالة، قال لـ«سيدتي»: «عمل الشرطة النسائية متشعب، ويتوزع بين الدوريات الليلية والمشاركة في العروض والفعاليات، وأول شرط لقبول المرأة في فرقة الخيالة أن تكون لديها الرغبة في تعلم مهنة الفروسية، ونحن نعمل على الدوام على تطوير أداء القيادات لدينا؛ عبر الدورات الداخلية والخارجية والمشاركة في التحكيم الدولي في سباقات القدرة والتحمل، وفي قيادة فرق العمل، وينضوي تحت إدارة الخيالة كل من قسم العمليات الشرطية، قسم الخدمات الإدارية، وقسم الخدمات الاجتماعية».

كواليس:
- مع أن الفارسات يبدون شابات ورشيقات، إلا أن البعض رفضن البوح بأعمارهن، وقلن ضاحكات: «أعمارنا سر لا نريد كشفه!».
- سقطت إحدى الفارسات عن ظهر الحصان، لكنها وقفت من جديد، وقالت: «الذي لا يسقط ليس بفارس!».
- اعترفت بعض الفارسات بأنهن يخشين الكاميرا!