"قطع الخوفة".. خرافة شعبيَّة أم علاج بديل؟

5 صور

كما وصف الطب الحديث عوارض الخوف من الشحوب والإرهاق وإنهاك القوى، التي يمكن أن تصيب أياً منا، بأنَّها عوارض ذات أسباب نفسيَّة، أوضح كذلك بأنَّه يمكن علاجها بأساليب أخرى يقدِّمها بعض معالجي الطب الشعبي كطرق بديلة للعلاج، تعتمد على التدليك بزيت الزيتون، ويطلقون عليه اسم «قطع الخوفة»، الذي أصبح متداولاً بين السعوديين في الفترة الأخيرة وشاهدوا نتائجه بأم أعينهم. هنا نلقي الضوء على جانب من هذه المسألة.

نيفين الهندي «68عاماً» ربة منزل، تروي لـ«سيدتي» قصتها في معرفتها بعلاج قطع الخوفة، بقولها: لم أكن أعرف أنَّ سارة ابنتي ذات الـ«8 أعوام» ما زالت تعيش حالة من الرعب والخوف جراء حضورها لعرض سيرك عرض إحدى الفقرات، فكان كلب البحر يصفق وينادي وكنت أستمتع بالعرض، لكن ابنتي التصقت بي، ولم تنبس ببنت شفة حتى انتهاء العرض، وعند عودتنا إلى المنزل أخذت طفلتي تبكي وهي تشعر بخوف شديد وتصف لي خوفها من المشهد الذي لم أتوقع أن يكون رد فعلها عليه شديداً وصادماً بهذا الشكل، ارتفعت حرارتها وكانت تصرخ، ما دعاني إلى عرضها على أكثر من طبيب، لكنَّهم أكدوا أنَّها لا تعاني من أي مرض، تملكني الحزن على طفلتي التي لم تتحسن، وأخبرتني إحدى جاراتي بأنَّ ابنتي تحتاج إلى ما يقال عنه «قطع الخوفة» أعطتني رقم معالجة شعبية، وأخذت طفلتي إليها، وكانت تدلك طفلتي وعلى مدار يومين بزيت الزيتون، كنت أتابعها، لم أكن واثقة مما تقوم بعمله، ولكن الغريق يتعلق بقشة، لكن طفلتي تحسنت وانتهت كل معاناتي بعد مرور أربعة أيام على العلاج.


معروف منذ القدم
وأوضحت حنان السقا «46 عاماً» ربة منزل، عن معرفتها بأصول هذا المرض وعلاجه: هذا العلاج معروف منذ القدم، لكن هذا الجيل غير معترف به، أو بالأصح لا يوجد الشخص الذي يعرفه به، مع أنني كنت أعالج أولادي به، وورثت معلوماته وكيفيَّة علاجه لهم، وهم يمارسونه على أولادهم.


أشبه بالرقية الشرعيَّة
بينما تقول مها ثابت «39 عاماً» مهندسة ديكور: سمعت كثيراً عن ما يدعى بـ«طاسة الخضة» لدى المصريين ويوجد في مجتمعنا السعودي من يقتنع به ويطبقه، لكنني لم أقتنع به بقدر قناعتي بعلاج الخوفة، الذي يعدُّ أيضاً دخيلاً على مجتمعنا، وهذا اقتنعت به كثيراً؛ نظراً لأنَّه في النهاية عبارة عن تدليك وقراءة آيات قرآنية، فهو أشبه بالرقية الشرعيَّة، وبعد أن شاهدت مفعوله على ابنة الجيران من تحسن في حالتها بعد مجموعة من جلسات التدليك.


العلاج بالطاقة
وأوضحت الدكتورة مها هاشم، اختصاصيَّة العلاج بالطاقة والطب التبتي، أنَّها سمعت بـ«قطع الخوفة»، الذي له أسماء عديدة مختلفة ومنها (الفجعة، الخضة، الخوف) وبالنسبة لقناعتي به فهو علاج؛ لأنَّه يمكن تفسيره، وغير مقتنعة به باعتباره علاجاً شعبياً قائماً على فكرة خياليَّة.
وأضافت: في علم الطاقة نحدد مسارات رئيسة في جسم الإنسان، وهذه المسارات تحتوي على نقاط طاقة، وبالتأثير على هذه النقاط تنشأ ردة فعل معاكسة، تفيد في العلاج، منها ما هو منظومة نقاط تعالج أمراض القلب، وأخرى الكلى، وهكذا يتعدى ذلك لعلاج الأمراض النفسية، أو المنشأ النفسي للمرض. فمثلاً: عندما يقوم معالج قطع الخوفة بوضع الزيت وقراءة القرآن وتدليك أماكن معينة، سينظر غير الدارس لعلم الطاقة للعلاج برمته على أنه من الخرافات المتداولة، وبسبب الإيمان بها فهي تعمل، بينما الدارس يعلم أنَّ ما يحصل من نتائج علاجيَّة لعدة أسباب:


ـ أنَّ القرآن علاج، وهذا لن أتطرق له؛ لأنَّه معروف لنا كمسلمين.
ـ العلاج بنقاط الطاقة، التي تحرر المشاعر السلبيَّة وطاقة المرض عند التأثير عليها بالتدليك، أو الإبر أو التسخين، وبالتالي ينعكس هذا على صحة المريض.
ـ في علم الطاقة كل عضو رئيس مسؤول عن مشاعر معينة، فمثلاً الخوف مرتبط بعضو الكلى والمثانة، لذلك تجد الطفل عند إخافته يتبول على نفسه، وعلاجه يكون في منطقة الجذع السفلية، من الأمام والخلف وفم المعدة كذلك، بالإضافة لنقاط أخرى مساعدة.


الطب الشعبي
أبو نضال الباشا «46 عاماً»، معالج في الطب الشعبي، يقول: في الماضي كان العلاج بالطب الشعبي يجد رواجاً كبيراً من قبل كثيرين، أما الآن فقد اختلف الموضوع كثيراً، فالمشككون بهذا العلم يلجأون للأساليب العلمية والطبية، وعندما لا يجدون العلاج يعودون إلينا؛ بحثاً عن مبتغاهم، والعلاج «بقطع الخوفة» هو طريقة معروفة في الطب القديم قبل الإسلام بأكثر من 2000 سنة، مشيراً إلى أنَّ الطب الحديث أقره وأكد على أهميته. وأضاف: كثيراً ما كان يلجأ الأطباء في بعض الحالات التي تتشابه أعراضها مع أعراض إصابة المريض بالخوفة إلى العلاج الشعبي.

طريقة العلاج والعوارض
ويشرح أبو نضال الفحص ثم التشخيص ثم طريقة العلاج والعوارض التي تظهر على المريض، بقوله: لدى معاينة المريض تظهر على عينيه معالم الخوف، حيث يسقط جفناه وينكمش بؤبؤه ويصغر، نتيجة تأثر العقد الليمفاوية، كما نجد في أعلى الفخذ عند المفصل الكبير عقدة شعيرات دمويَّة، أشبه بحبة الزيتون في الرجلين أو في الرجل الواحدة، نشعر بها إذا ضغطنا على المكان وآلمت المريض، كما يظهر احتباس الدم بالعروق، خاصة بالأماكن الحساسة الغنيَّة بالعروق مثل المفاصل، وبخاصة خط البكيني أو منطقة العجز، إضافة إلى ألم بالمفاصل وعدم القدرة على المشي، وانسداد الشهية والغثيان والاستفراغ، وقلق الطفل أثناء النوم والكوابيس.


ويضيف: أقوم بتدفئة زيت زيتون وأدهن به على المنطقة، ومن ثمَّ أضغط أربعة أصابع على موضع الزيتونة وأمرج الموضع برفق حتى يتقلص حجمها إلى أن ينتهي وأتلو من القرآن الفاتحة والمعوذتين.
وبالنسبة للأطفال نقوم بتمديد الطفل على ظهره، ونزع ملابسه ثم نقوم بتدفئة زيت الزيتون ووضعه على طول خط البكيني، والتدليك بالسحب من أسفل إلى أعلى، فنلاحظ أنَّ الطفل يصاب بنوبة بكاء شديد ويشعر بألم ووجع، وأيضاً بطريقة دائرية ندلك معدة الطفل، خصوصاً إذا كان يفقد شهيته للطعام، كما ويمكن تدليكه أيضاً من يديه عن طريق السحب والفرك عند المعصم، وصولاً للكوع ومن خلف الكوع، مع الحرص على الضغط بقوه وقراءة المعوذتين أثناء التدليك.

الإصابة بالخوفة أمر خطير جداً، خاصة إذا تأخر الإنسان المصاب في علاجها، وفي بعض الأحيان يتطور وضع الإصابة إلى حدوث شلل أو عمى مؤقت بسبب الخوفة أو اضطراب في الكلام، وعلاج المصاب بـ«الخوف»، يحتاج إلى جلسات مختلفة من العلاج بالتدليك؛ إذ لا يتعدى عدد الجلسات «3-4» جلسات، ويصاحب «قطع الخوفة» بعض الآلام الناتجة عن فك عقد الغدد الليمفاوية، كما تسبب الخوفة تأخر الحمل أو الموت في بعض الأحيان.

الرأي النفسي
المستشارة التربوية والأسرية الحاصلة على دكتوراه في الصحة النفسية العلاجية، نادية نصير، أوضحت أنَّ الخوف غريزة كامنة في النفس الإنسانية، ويظهر في ظروف معينة، وله إيجابيات مثل الخوف من الله والخوف على الحياة، والخوف على الأسرة، وهناك الخوف المرضي الذي يعرف في علم النفس بالفوبيا أو الرهاب، الذي يرجع في أسباب كثيرة لمواقف الحياة، لكن الاختلاف هنا في العلاج، فالبعض يلجأ إلى الطب النفسي الذي يعالج حالات الخوف لدى الفئات العمرية المختلفة بطرق عديدة، منها التفريغ والإزاحة والتنويم الإيحائي.


أما الطب الشعبي أو الطب البديل فيعالج حالات الخوف بالتدليك، ويطلق عليه اسم «قطع الخوفة». وإذا وقفنا على الناحية العلمية للخوف نجد أنَّه حالة شعوريَّة تسبب الاضطراب في الجسد، خصوصاً إفرازات الغدد اللمفاوية بالجسد، وقد عرف الأطباء والمعالجون مواقع هذه الغدد في الجسد، مثل منطقة العنق وبين الكتفين والظهر والعضلة الخلفية للساق ومنطقة ما بين الفخذين، فقاموا بتدليك تلك الأماكن بطريقة معينة؛ لكي تنشط الغدد اللمفاوية التي تفرز بعد التنشيط مواد تقوي مناعة الجسم، وتساعد على استرخاء الأعصاب والتخلص من أعراض الخوف بعد جلسات عديدة، وقالت نصير: إنها ليست ضد العلاج الشعبي والبديل، فهناك كثير من أنواع العلاج التي ما زلنا نستخدمها منذ الأزل والتجربة خير دليل، لكن المهم أن نطرق جميع الأبواب لعلاج الحالات النفسيَّة والجسديَّة، وألا نقف مكتوفي الأيدي.