عين على الشاشة الرمضانية: أخطاء بروتوكول وديكور في " ألف ليلة وليلة"

8 صور

تكرر ما حدث من أخطاء في الديكور في الموسم الأول من " سرايا عابدين" الذي استعان فيه مهندس الديكور بسجادة فيرساتشي المعاصرة في القرن التاسع عشر حيث تدور أحداثه حول سيرة الخديوي اسماعيل مجدداً في المسلسل الفانتازي "ألف ليلة وليلة" تأليف محمد ناير، وتصوير وإخراج عبد الرؤف عبد العزيز، وبطولة: شريف منير وأمير كرارة ونيكول سابا وآسر ياسين ونسرين طافش - المفترض بأنه يحكي حكايا وقصصاً في فترة ما قبل الإسلام والعصر الحديث بمئات السنين، وعلى ما يبدو أن ما حدث قد يكون سببه سعي مهندس الديكور للتميز وإضفاء الفخامة على قصر الملك شهريار لكن على حساب المصداقية التاريخية التي فاتت مخرجه عبد الرؤف عبد العزيز في أول تجاربه الإخراجية لهذا النوع من الدراما وربما الدراما بمجملها.
لكن إن فاتته كمخرج كيف فاتته كمدير تصوير؟
فهو أيضاً مدير التصوير ومخرج العمل في آن، ومقرر أن يخرج موسماً ثان منه.
فمثل هذه الأعمال تفرض على منتجها مزيداً من التدقيق، والخبرة الإخراجية هنا شرط أساسي وليس اختياري إذا ما أراد المنتج التفرد وترك بصمة في هذا النوع الصعب من الدراما.

مدفأة حطب مغطاة بساتر زجاج سيكوريت حراري مع أدواته المعدنية
في فترة شهريار المفترض بها أن تكون قبل العصور الوسطى بمئات السنين شوهدت مدفأة حطب مغطاة بساتر زجاجي سيكوريت ضد الحرارة عصري مع أدواته المعدنية السوداء التي تستخدم لتحريك الحطب وتقليبها على النار.
مكتبة حديثة وكتب مجلدة في قصر والد شهرزاد
وفي حلقة أخرى نرى شقيق شهرزاد يخطط لقتل شهريار بالسم وهو جالس على مكتب خشبي أنيق وفي الغرفة أيضاً مكتبة خشبية عصرية وفيها كتب مطبوعة ومجلدة بينما كما هو معروف كانت الكتب في تلك الفترة مخطوطات غير مجلدة وليس مطبوعة بالطريقة السائدة في عالم الطباعة والنشر.

روايات شهرزاد مطبوعة ومجلدة
وتكرر الأمر أيضاً في الحلقة 12 مع شهرزاد التي أعارت روايات مطبوعة ومجلدة لشقيقة شهريار في القصر.

كلمة "مهدىء" على وعاء مخدّر
وارتكب خطأ آخر في حلقة 12 ذاتها حين تناول قرصان وفي للقرصان نجم الدين وعاءً منوّماً كتب عليه بالفصحى كلمة "مهدىء" وهي كلمة حديثة بدأ أطباء علم النفس تداولها منذ عقود قليلة من الزمن، والمهدىء عقار مهدىء للأعصاب ولا يسبب النوم بينما الموجود هو منوّم قوي تمّ وضعه في مشروب لتنويم القراصنة الخونة بهدف منعهم من سرقة السفينة.

مصابيح زجاجية حديثة في سفينة قرصان
ووقع خطأ آخر في ديكورات سفينة نجم الدين المفترض بها أن تكون خشبية وعادية ومكشوفة لكن سفينة نجم الدين معلق فيها مصابيح زجاجية ومعدنية حديثة، والكابينة الداخلية محاطة بجدران زجاجية ومعدنية كالمنازل الحديثة ولم تكن السفن في ذاك الوقت ولا اليوم مبنية بهذه الصورة .

سمو الملك خطأ في بروتوكول اللقب
وفي نفس الحلقة الثانية عشرة يرتكب المؤلف محمد ناير خطأ حين تقول عشيقة الأمير أكمل شقيق شهريار الذي يخطط معها للتخلص من شقيقه ورمي التهمة على شهرزاد: سمو الملك، مع أنها قبلها بثوان نادته بطريقة صحيحة: سمو الأمير، وسمو الأمير هي الأصح بينما الملك يقال له حسب البروتوكول السائد: جلالة الملك أو الملك، ولا نعرف إن كان خطأ الممثلة أم خطأ عفوياً من الكاتب.

إستخفاف زعيم البدو بهيبة الملك شهريار لا تحصل في الواقع

وفي الحلقة ذاتها يصدر الملك شهريار عفواً على زعيم البدو معروف الذي يرسل شقيقه الأمير أكمل لإحضاره بين يديه،وعندما يحضر أمامه وهو جالساً بكامل هيبته كملك، يخاطبه معروف باستخفاف وبقلّة احترام كأنه عدو عادي له، ومن المفترض بشخصية شهريار الذي يقطع رأس عروسه كل ليلة، ومهاب في مملكته أن لا يكتب له الكاتب هكذا مشهد ، ويتقيد الكاتب بملامح الشخصية حسب ملامح الشخصية الموثقة في كتاب "ألف ليلة وليلة"، وحسب بروتوكولات الملوك الذين يقتلون أي شخص في ذاك الزمن إن أهان الملك بإشارة. فكيف إذا كان بهذه الطريقة التي لا يجروء عليها أحد حتى في عصرنا الحالي حيث يعاقب بسنوات من السجن كل شخص يهين ملك أو رئيس جمهورية إلا إذا عفى عنه الملك بسعة صدره وتسامحه وأصدر إرادة ملكية بالعفو عنه.
وهذا الخطأ يكشف قلة خبرة الكاتب محمد ناير المعروف بكتابته أعمالاً إجتماعية وأكشن معاصرة فقط.
بينما إذا عدنا بذاكرتنا للوراء وشاهدنا مسلسلات تاريخية كتبها الدكتور وليد سيف وأخرجها السوري حاتم علي وأشهرها: "ملوك الطوائف" و"عمر" و"ربيع قرطبة" و"صقر قريش"، لرأينا كيف أن التاريخ قدم بمصداقية عالية، ورفوف المكتبات عادية في الديوان، والكتب عبارة عن مخطوطات كبيرة تكتب بقلم مصنوع من ريشة بعد غمسه بالحبر السائل،وكون "ألف ليلة وليلة" فانتازياً ويقدم شخصية ملك خيالي غير موجود، إلا أنه ملك ويفترض بأن يقدم بصورته المرسومة في صفحات الكتاب الشهير "ألف ليلة وليلة" دون مسّ جوهره الملكي أو النفسي.
ورغم مضي عقود على نسخة "ألف ليلة وليلة" للثنائي حسين فهمي ونجلاء فتحي فإن براعة الجرافيك والتصوير على طريقة أفلام هاري بوتر وفخامة قصر شهريار وحداثة سفينة نجم الدين لم تجعل "ألف ليلة وليلة 2015" أفضل من نسخته القديمة التقليدية التي منحها أداء حسين فهمي لشخصية شهريار وحضور نجلاء فتحي الجذاب ألقاً خاصاً لا ينسى في ذاكرة المشاهد، وبخاصة أن القنوات المصرية مازالت تعرضه بين الفينة والأخرى. وقد اعترف الممثل المبدع شريف منير بطل النسخة الحديثة من "ألف ليلة وليلة" بتميز حسين فهمي بشخصية شهريار ونجلاء فتحي بشخصية شهرزاد مع وسام بريدي وميساء مغربي خلال استضافتهما له في برنامجهما "ريتينغ رمضان).
ويظل "ألف ليلة وليلة" رغم هذه الأخطاء عملاً يستحق المشاهدة، والمؤكد أن هواة البحث عن الأخطاء في الأعمال التاريخية سيتمتعون باكتشافها حلقة بعد أخرى.