أثارت الحلقة الأخيرة لبرنامج «أحمر بالخط العريض» الذي يعرض على قناة الفضائية اللبنانية من تقديم مالك مكتبي وإخراج سعيد خليل مشاكل عديدة، إلا أن هذه المشاكل لم تكن بسبب الجرأة التي اعتاد عليها البرنامج فحسب، بل بسبب شاب سعودي عرض تجربته في تقرير مصوّر في جدة يتكلّم فيه عن أشياء خارجة، ممّا أثار سخط الشارع السعودي الذي ورغم انتهاء الحلقة منذ أكثر من شهر، ما زال الغضب يتملّك كل شخص يسمع بالموضوع. «سيدتي» أعدّت تقريراً كاملاً من خلال التفاصيل التالية.....
مالك مكتبي
الحلقة
عرضت الحلقة كغيرها من الحلقات مشكلة حسّاسة. فمنذ بداية البرنامج وهو يعرض القضايا الحسّاسة التي تتطلّب جرأة. وكانت هذه الحلقات والمواضيع المثيرة كفيلة بجذب المشاهدين من جميع أرجاء الوطن العربي، حيث حصد مالك مكتبي مقدّم البرنامج شعبية لم تكن متوقّعة، وناقش من خلال برنامجه عدداً من القضايا المهمة. في هذه الحلقة كانت جرأة الشاب مازن غير متوقّعة، حيث خرج من خصوصية المجتمع وجاهر بعلاقاته المحرّمة، مما سبّب بلبلة لم تكن تخطر على باله. فقد طالب عدد كبير من المشاهدين بعد عرض الحلقة السلطات بإلقاء القبض عليه نتيجة المجاهرة بالرذيلة علناً، ولما تحتويه شقته من ممنوعات محرّمة. كما تمّ تقديم بلاغات ضده لإساءته للمجتمع السعودي.
مطالبة بالمقاطعة
لم تقف المسألة عند هذا الحد، حيث طالبت العديد من الأصوات والمواقع السعودية بمقاطعة قناة الفضائية اللبنانية الــ LBC بعدما أُثيرت قضية الشاب مازن، ودعت مئات المواقع الإلكترونية السعودية إلى إطلاق حملة لمقاطعة الفضائية اللبنانية. وأشار القائمون على الحملة الذين اختاروا «خلوها تتأدّب» عنواناً لها، إلى أن القناة استغلّت سذاجة بعض الشبان والفتيات للإساءة إلى الشباب السعودي، وذلك بسبب بعض النماذج التي ظهرت في البرنامج، وكانت بجرأة مازن أو أقل منه لكنها تحدّثت عن مواضيع خاصة.على الرغم من مضي أكثر من شهر على بثّ الحلقة الأخيرة من الدورة الأولى، إلا أن البعض فسّر عدم عرض أي حلقة بعد هذه الحلقة بأن البرنامج قد توقّف، علماً أن من تابع الحلقة كان لا بدّ أن يعلم أن هذا الأمر غير صحيح حيث ودّع مالك مكتبي في نهاية الحلقة المشاهدين باعتبارها الحلقة الأخيرة له في الدورة البرامجية للقناة. ولم يتمّ توقّف البرنامج كما أُشيع.
ومع الأيام، زادت الأصوات التي تطالب بالعقوبة على الشاب مازن، حيث قيل إن الشرع يأمر بجلده حتى الموت وإن هناك مطالبات بوقوع القصاص عليه لمجاهرته بالرذيلة، وهناك من قال إنه يجب أن يقام عليه حد الحرابة أو التعزير على فعلته. وبعد كل هذه الضجة، أصدرت وزارة الثقافة والإعلام قراراً يقضي بإغلاق مكاتب القناة في الرياض وجدة. وفعلاً تمّ إغلاقها بالشمع الأحمر بقرار من وزارة الثقافة والإعلام، وتمّ إلقاء القبض على المتّهم.
كلامه غير صحيح
إيمان الرجب معدّة في التلفزيون السعودي ومنسّقة في برنامج «أحمر بالخط العريض» بالسعودية، نفت أن يكون لها علاقة بهذا التقرير. وقالت: «لقد شاهدت التقرير حالي حال الجمهور، ولا أعلم من هو تحديداً الذي أعدّ هذه الحلقة. وعموماً، وبالرغم من أنني أعدّ حلقات للبرنامج إلا أنه لم يطلب مني أن أقدّم تقريراً في يوم من الأيام بمستوى هذه الجرأة، وقد يكون ذلك لعلمهم مسبقاً أنني سأرفض، لكن الصراحة لم يطلب مني الإعداد أو المشاركة في هذه الحلقة. وعمّا إذا كان سبق وطلب منها «فبركة» تقارير، كما ادّعى مازن في أحد حواراته بعدما تمّ إلقاء القبض عليه بأن المعدّين والمخرج «فبركوا» الحلقة، أجابت: «ليس دفاعاً عن القناة، لكنني كنت أقدّم تقاريري وتعرض كما هي، ولم أطالب يوماً بالإتيان بحالة تحمل كل التفاصيل المطلوبة، الضيف دائماً هو الذي يختار ما يقوله وما لا يقوله. ولا يمكن أن نفرض على أي شخص ما يقوله، فهذا كلام غير منطقي».
محاسبة الشاب وليس القناة
أما معدّة البرنامج روزانا اليامي من جدة والتي تحمّلت الإتهامات في إعداد الحلقة، فقالت: «أنا أستغرب بداية من الإتهام الموجّه لي بأنني من قمت بإعداد الحلقة. ولا أعلم مصدر هذه الشائعة وعلى ماذا استندت. لا أنكر أنني منسّقة لبرنامج «أحمر بالخط العريض»، لكنني لم أشارك بهذه الحلقة.» وعن إغلاق مكتب القناة في جدة تقول: «القناة غير مسؤولة نهائياً عن أي شخص راشد، بالغ وعاقل يسرد قصته. فالبرنامج لم يجبره على الحديث، بل هو من تحدّث. وأعتقد كما سمعت أن هناك تعهّداً قام بتوقيعه، وهو قانون متبّع في البرامج، فليس هناك ما يمنع شاباً في الثلاثين من عمره من التحدّث عن تجربته. وقصة «الفبركة» هذه مستحيلة كوني أعمل مع القناة ومع مالك مكتبي منذ فترة.
طوني كرم مدير البرامج في قناة الـLBC والمسؤول عن برنامج «أحمر بالخط العريض»، أكّد خلال اتصال «سيدتي» أن إدارة القناة منعت أي تصريح في هذا الموضوع في الوقت الحالي. ورفض أيضاً التعليق على صحة كلام الشاب مازن من عدمه، مؤكّداً أن المخوّل الوحيد للرد هي إدارة القناة فقط.
الشرطة
أيضاً توجّهنا إلى المقدّم سليمان المطوع من شرطة جدة وسألناه عن طريقة إلقاء القبض على مازن، حيث قيل إنه من قام بتسليم نفسه وقيل أيضاً إنه وبمجرد علمه بحضور الشرطة حاول الهرب، وبعد مداهمة تمّ إلقاء القبض عليه، فقال: «وصلنا توجيه بإلقاء القبض على مازن، وكان هناك تعاون من طرفه. فبمجرّد وصولنا وإخبارنا له عن أمر الشرطة في إلقاء القبض عليه، توجّه معنا بدون مشاكل...
وفيما يتعلّق بأصدقائه، لم يتوجّه أحد للمطار أو للهرب. والجميع تعاون مع الشرطة من هذه الناحية.
وسألناه عن مشاعر مازن لحظة إلقاء القبض عليه وعمّا إذا كان نادماً. فقال: «بصراحة لم أقابله بشكل شخصي، ولكنني سمعت من الزملاء أنه يردّد بأنه غرّر به من قبل القناة. على كل حال، القضية حالياً مع هيئة التحقيق والإدّعاء العام وهي التي تتولّى التأكّد من حديث جميع الأطراف».
لماذا تمّ إلقاء القبض على أصدقاء مازن رغم أنه صاحب الشقة، وفي الحلقة هو من عرض التقرير وكان لأصدقائه مشاركة في الموضوع بشكل عام وليس في تصرفات مازن وما تحتويه شقته؟
أجاب: «لا أعلم، فالجهات المختصّة طلبت القبض على جميع من شارك في الحلقة بتهمة المجاهرة بالأفعال المشينة. وبعد ذلك، ستتولّى الجهات المعنية أمر التحقيق وتثبت ذلك».

مازن عبد الجواد
تصريح وزارة الثقافة والإعلام
رغم صدور قرار بإغلاق مكتب قناة الفضائية اللبنانية في جدة وتأكيد هذا القرار بتشميع المكتب من قبل وزارة الثقافة والإعلام السعودية، إلا أن مصدراً مقرّباً أكّد لـ «سيدتي» أن الإغلاق لم يقتصر على مكتب جدة فقط بل أيضاً على مكتب الرياض. كما يتردّد أن خلفيات إغلاق القناة لا ترتبط فقط بقضية برنامج «أحمر بالخط العريض»، بل إن القناة لم تكن حاصلة أيضاً على ترخيص بافتتاح مكتب خاص بها في جدة، ومع إثارة هذه القضية تمّ اتّخاذ إجراءات إغلاقها حالياً.
«سيدتي» اتّصلت بالمتحدّث الرسمي باسم وزارة الثقافة والإعلام الذي أكّد لنا أن مكتب القناة أُغلق في الرياض أيضاً، وأن إغلاق المكتبين كان بتوجيهات من السلطات العليا. وبخصوص ما تردّد حول أن حلقة برنامج «أحمر بالخط العريض» لم تكن السبب الرئيسي للإغلاق، وأن السبب هو عدم وجود ترخيص، قال: «عدم وجود ترخيص للقناة سبب من الأسباب، لكن السبب الرئيسي هو قضية الشاب مازن، وإلا لما أُغلق مكتب الرياض أيضاً. وعندما سألناه عن سبب عدم إغلاق المكتب قبل هذه القضية طالما أنها لا تملك ترخيصاً، أكّد أنه لم يكن لديهم علم بوجود مكتب في جدة. ومع انفجار القضية، تمّ اتّخاذ الإجراءات المناسبة خصوصاً بعد التوجيهات التي جاءت للوزارة بإغلاق مكتب القناة إلى إشعار آخر.
محامي المتّهم
إتّصلت «سيدتي» عدّة مرات بالمحامي سليمان الجميعي الذي تولّى قضية الشاب مازن، بحيث سرد لنا تفاصيل ما حدث والموقف القانوني من قضيته قائلاً:
بداية أطلب من «سيدتي» التركيز على نقطة رئيسية وهامة، وهي أن إغلاق مكاتب القناة بالسعودية، كان بسبب مازن وبعدما رفع قضية على القناة. وهذه المسألة لا بدّ أن تكون واضحة، فـمازن رفع قضية على القناة قبل إلقاء القبض عليه. فعندما حضر منذ أكثر من شهر إلى مكتبي وطلب مني رفع القضية، وحتى قبل أن يتلقّى ردّة فعل من أي شخص، وافقت على تولّي القضية رغم انشغالي، ولم يخطر في بالي أن يتمّ القبض عليه لأنها قضية نشر، وقضية النشر لها نظام ومحكمة خاصة في وزارة الإعلام. أما عن القضية وموقف مازن القانوني، فأؤكّد، وبصفتي محامي الشاب مازن، أن موقفه بإذن الله سليم. وما عرض في القناة، كان مخالفاً للقانون بالسعودية وبطريقة غير نظامية. فأي جهة إعلامية تبثّ أو تعدّ تقارير، لا بدّ أن يكون لديها تصريح وترخيص بمزاولة المهنة. وهذا الأمر غير متوفّر لدى مكاتب القناة في السعودية، فأي مكتب لا بدّ أن يكون لديه إذن حتى لحضور مؤتمر، والقناة لا تملك تصريحاً، وهو بحد ذاته يؤكّد أن الأدلة المقدّمة باطلة. إضافة أن القناة عرضت التقرير بدون إذنه، ولا يوجد لديهم أي كتاب أو تعهّد تمّ التوقيع عليه من قبل مازن. ومن ناحية أخرى، ليس هناك أي صحة لما عرض في الشريط. فبعد التطوّر التقني وعمليات المونتاج التي وصلنا إليها، من السهل دبلجة أي كلام. وهذا ما حدث مع مازن الذي طلب منه تحديداً المشاركة في برنامج توعوي للشباب منذ أكثر من عام، يحكي عن الممارسات بشكل جريء كقصص عن الآخرين عمّا سمع وقرأ في الانترنت وكيف يتصيّد الشبان الفتيات في السوق. ولكن، من أخرج البرنامج بهذه الصورة غيّر ملامح الفيلم تماماً، وما عرض لم يكن صحيحاً، فهم قاموا بــ «المنتَجة» بالشكل الذي يرغبون به.
هل شاهدت الشريط الأصلي؟
ما يهمّني ما عرض على القناة وليس الشريط الأصلي. وأساساً مهما قالت القناة إن هذا الشريط أصلي، لن يهمّنا. والمهم ما ركّزت عليه القناة وهي مناقشة قضايا حسّاسة. وهذا لم يحدث مع مازن فقط كما قرأت، فقد سمعت بأن هناك فتيات وشباناً عرض عليهم التمثيل من أجل البرنامج، وهذا سبب من الأسباب التي دعتني للموافقة على تولّي القضية. فالقناة تمادت في جرأة ما تعرضه.
هل صحيح أنه مهدّد بإقامة حد الحرابة عليه؟
هذا الكلام غير صحيح، فالأحكام لا تقام على أدلّة باطلة. وعموماً، لن نستبق الأحداث. وما يذكر من أحكام قد تصدرعلى مازن هي مجرد عواطف غاضبة من الناس.
كيف تصف لنا وضع مازن النفسي وهل هو نادم؟
هو نادم على ظهوره بالقناة ندماً شديداً جداً.
إكسترا
هل هناك شهود؟
على من قدّم البرنامج أن يقدّم الشهود والتوثيق بأن مازن طلب نشر هذا الكلام.
وهناك نظام يوثّق تسجيل الأفلام خصوصاً إذا كان البرنامج على الهواء مباشرة، لكن ما حدث أن البرنامج ليس على الهواء، وكان لا بدّ من عرضه على مازن قبل بثّه على المشاهدين، فــ "المنتجة" بأي شريط سهلة جداً وممكن تغيير المعنى بالتلاعب بالجمل.
وأي دليل سواء فيلم أو غيره، لو تعرّض ولو لـ 1% للتغيير يعتبر قانونياً مزوّراً، وإذا أحاطه شك بطل الإستدلال الرسمي فيه.
وما موقف عائلته وصحة طرده من عمله؟
هذا الكلام غير صحيح، فعائلته متعاطفة جداً معه وحتى عمله لم يفصل منه، نحن نعيش في دولة منظّمة، فكيف يفصل شخص قبل صدور الحكم عليه ! ولكن بحكم أنه موقوف لا بدّ من أنه متغيّب عن عمله، وعلى أي حال لديه رصيد إجازات تكفيه حتى تتبيّن الرؤية.
ما رأيك في ما لو أطلق عليه لقب "مجاهر بالرذيلة"؟
هذا يعتبر قذفاً مباشراً على مازن خصوصاً وأن الحكم لم ينطق به بعد.
هل أنت موكل بالدفاع عن أصدقاء مازن أيضاً؟
ليست لي علاقة بأصدقائه. وموقفي القانوني أنهم جميعاً ضحايا، ويجب أن نحاول أن ننقذهم وألا نقسو عليهم.
مالك لا يردّ
«سيدتي» اتّصلت بالإعلامي مالك مكتبي الذي فضّل عدم التعليق على هذه القضية وتبعاتها.
يبقى أن نشير إلى أن هذه القضية فتحت نقاشا حول خصوصية المجتمعات وأخلاقياتها في ظل تحول العالم إلى قرية صغيرة، سقطت فيها الحدود، فهل تعتقدون أن برنامج أحمر بالخط العريض تخطى الخطوط الحمر وتخطى المسموح به؟ وهل يتحمل البرنامج وحده المسؤولية أم أن القناة مسؤولة أيضا؟