أوقفنا الزمان وعدنا به إلى الوراء لنتحدث مع الشاعر، لكي يكمل لنا قصيدة أعجزتنا، وعندما ألقيناها عليه قال: أذكر أنَّني نظمت شعراً كهذا، ولكن لا أذكر بقية الأبيات، فأنا أنظم القصيدة في جسدي كالجثة، عندما تلدغني أخرجها من جوفي، فارحلوا وارجعوا إلى زمانكم، فأنا قتلت الشاعر الذي في داخلي منذ زمان بعيد.
إنها عبارات من مسرحية لبيد بن ربيعة، التي كتبها صالح آل زمانان، شاعر ومسرحي سعودي، ينحدر من تاريخ مسرحي، سجل حضوره المحلي والعربي، من خلال مشاركته بالعديد من المهرجانات الشعرية والمسرحية، وأصدر له 5 دواوين شعرية و6 مسرحيات.
استمالت المسرحيَّة التي عرضت في باريس مؤخراً عاطفة نقادها، وجعلت رؤيتهم حزينة، فأعربت الناقدة رجاء القرشي عن مدى توحد شعورها مع الكاتب، وذرفت دمعتها، عندما وقف لبيد عاجزاً عن التذكر، آمنت بصدق إحساس الممثل وأدائه التمثيلي، وأطربها غناء قصيدة لبيد، وسحرتها ألون المسرح وتقسيمه وإضاءته، فأضافت أن المسرحيَّة لديها مسمى جديد في معاير الدراما المسرحيَّة؛ آلة الزمن، التي أبحرت بها في فحول الشعر وعصره، أعجبت بعبقريَّة الكتابة والسيناريو، وتألق اللغة العربيَّة في الحوار، توجت المسرحيَّة بتاج من فضة يلمع في عيني المشاهد.
وقال الشاعر محمد الثابتي أن قصائده خالدة أخذتنا إلى لبيد، ذلك موقف يبكي، فكم من شعراء ما زالت قصائدهم حيَّة، ساهمت بوصل صيت اللغة العربيَّة إلى بلاد أوروبا التي تعرف هذا الفن بلغتها أكثر ما نعرفه، وترى إظهار الأصالة العربيَّة ودمجها مع الثقافات الأخرى بمنهجية متطلعة إلى العالمية، خصوصاً بدخول المستشرقين ومحاولتهم نطق العربيَّة، حيث من المضحك سماع شخص يتكلم بالفرنسية مع شخص أتى من الجاهليَّة، تشعر بفجوة ما بين الاثنين، ما زاد من غرابة المسرحيَّة وزيادة جمالها وجذبها للمشاهد.
في حين أبدت الناقدة حليمة مظفر مدى إعجابها بالنص، وترجو أن يكون عرض المسرحيَّة في باريس لائقاً بالفنِّ التمثيلي فيها.