من الأمور التي قد يتفق عليها الجميع في رمضان أن الإفطار لا يحلو دون "جمعة"، فاجتماع الأهل والأقارب والرفاق والتفافهم حول مائدة الإفطار لمشاركة الدعوات والنقاشات الرمضانية الحميمة من أكثر ما يميز هذا الشهر الفضيل ويزيد المحبة والألفة في قلوب الصائمين والمفطرين المجتمعين، لذا تكثر في هذا الشهر العزائم والولائم، ولكن للأسف فقد باتت هذه العزائم مجالاً للاستعراض والمباهاة بعرض ما لذ وطاب بكميات قد تفوق المطلوب بكثير، مما يجعل مصير معظمها إلى حاويات القمامة، كما بات التفكير المسيطر هو الرغبة في لفت الانتباه إلى ما يقدم وليس تجميع القرناء لزيادة الألفة والحميمية في العلاقات.
حول هذا الموضوع سألنا السعوديين عن آرائهم ورصدنا لكم بعض الإجابات في السطور التالية فتابعوها معنا:
بداية تقول الصحفية سلوى حمدي: للأسف ألاحظ أن بعض الأشخاص يتكلفون ويبالغون في ولائمهم لغرض التصوير والمفاخرة وللمنافسة بين بعضهم دون النظر في حال الضعفاء والمساكين، وأصبح هوس الداعين للإفطار تصوير الولائم بشكل لافت والتنافس على من يقدم الأكثر كمية وتميزاً، وهذا الأمر قد ينسي البعض النوايا الأساسية من الدعوة لنيل أجر صيام المسلمين.
ويقول الإعلامي بدر العتيبي: صارت الولائم في مجتمعنا مجالاً للاستعراض وبطرق سخيفة، فكل شخص يوثق سفرته ومأكله ومشربه، ومما ساعد على ذلك انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وتوفرها على جوالات الجميع، الأمر الذي يجعل التغطية مباشرة للسفر والولائم والعزائم، وأعتقد أن السبب في هذه الحالة يعود لنقص في الشخصية والاستسلام لرغبات "الهياط" الفارغ وعدم مراقبة الله والخوف منه؛ لأنه محاسب على التبذير بلا شك.
وترى منال بنتن "ربة منزل": الولائم والعزائم في رمضان موضع جدل في ظل غلاء الأسعار، فالأسر ذات الدخل المتواضع صارت تتحاشي الولائم في رمضان، وذلك لغلاء أسعار المواد الغذائية، مما قد يمنعها من إقامة وليمة مهولة تنافس بها الولائم السائدة الآن، أما الأسرة ذات الدخل الجيد، فسيكون عدد أصناف الطعام أكثر والتقديم سيكون مبهراً، ولكنني أرى أن بعض الأسر صارت أكثر وعياً والتزاماً بأحقية الشهر وضرورة اختصار الوقت والجهد لتخصيص وقت أكثر للعبادة، لذا صارت تقدم ولائم معقولة تفي بالغرض من دون مفاخرة.
• الرأي الاجتماعي
ويقول المستشار الأسري والاجتماعي عبدالرحمن القراش: شهر رمضان مناسبة دينية مهمة ينتظرها المسلمون في كل مكان بطرق مختلفة للاستعداد النفسي والاجتماعي لها، ومن أهم العادات الرمضانية في السعودية زيارات العائلات والجيران، وهناك تقاليد لدى بعض العائلات أن يتم تخصيص إفطار كل يوم من أيام رمضان في منزل أحد أفراد العائلة بشكل دوري حتى تجتمع العائلات، وقد بدأت تطرأ في الأفق مؤخراً عادات تخالف الطبيعة الاجتماعية، وهي المبالغة في الولائم المنزلية، خصوصاً في وقت العزائم من باب المفاخرة، حيث لا يتورع البعض عن إحضار خروف كامل على وجبة الإفطار أو بوفيهات مفتوحة بشكل مبالغ فيه، وفي النهاية يكون مصير بقايا الأكل إلى مكب النفايات، وهذه مخالفة شرعية واجتماعية وصحية في الشهر الكريم ينبغي التوعية بآثارها السلبية لتقليصها.