عابد فهد فنان عربي نحت بصمة نجاحه بعصارة موهبته،وقدرته على المجازفة بأدوار نفسية مركبة إن كانت تاريخية أو اجتماعية،عرفه الشارع العربي بأجمل أدواره بشخصية الجساس في "الزير سالم" ثم انبهر بأدائه المميز في "الولادة من الخاصرة"،ولهث وراء مطارداته الرومانسية العنيفة في "لعبة الموت"، وجسّد صراع الإرهابيين والانقلابيين المتنكرين بثوب الواعظين المتدينين للوصول إلى السلطة في مسلسله الأخير "سمرقند"،إنه فنان عربي حقيقي قادر على إمتاع جمهوره بألف شخصية ووجه، التقته "سيدتي" في الحوار التالي:
عمان- سميرة حسنين
حققت نجاحاً فنياً وجماهيرياً مميزاً في الدراما التاريخية بأعمالك الثلاثة: "الحجاج بن يوسف الثقفي" و"الظاهر الدين بيبرس" و"سمرقند"، فهل تجد نفسك أكثر في الدراما التاريخية دون الأنماط الدرامية الأخرى؟
لا، الفرق بين الدراما التاريخية والدراما الاجتماعية هو النص،النص التاريخي يكون أحياناً أكثر جمالاً ودقة، ونسبة الأعمال التاريخية الناجحة مقارنةً مع الأعمال الاجتماعية أكبر،وتصل نسبة النجاح فيها إلى 80% أكثر من نسبة نجاح الأعمال الاجتماعية، وسر هذا التباين بين نص العمل التاريخي ونص العمل الاجتماعي يكمن في أن مؤلف النص التاريخي اعتمد على وثائق تاريخية حقيقية موثوقة ،وحصل هذا مع الكاتب الراحل جمال أبو حمدان مؤلف نص مسلسلي التاريخي "الحجاج"،وهو نفسه الذي كتب مسلسلي "الطريق إلى كابول" بإحساس مبدع ومرهف، بينما مؤلف النص الاجتماعي يعتمد أكثر على خياله الخصب، ويقتبس من النصوص والأفلام الأجنبية بحرية كبيرة دون أن يعتمد على قصص حقيقية مستوحاة من الواقع أو التاريخ، وأنا عموماً أعشق كممثل الأعمال التاريخية ،لكني أعود وأقول إن المسلسلات التاريخية تعتمد على نص متين ، وإن نفذ النص بحرفية عالية، فهذا سيسمح للممثل أن يخرج كل طاقاته وإبداعاته أكثر من نصوص الأعمال الاجتماعية.
كثيرون شعروا بأن أجواء "سمرقند" متأثرة نوعاً ما بأجواء المسلسلات التاريخية التركية وتحديداً "حريم السلطان" و"السلطانة كوسيم" وبدا هذا واضحاً في الموسيقى والأحداث والديكورات والجواري، فما تعليقك؟
الدراما التاريخية التركية تأخذ وقتاً أكبر في التحضير والتنفيذ والتصوير فيستغرق الموسم الواحد منها عاماً كاملاً بينما نحن نركض نسابق الزمن بإمكانات أقل.
هل أنت مستعد للتفرغ عاماً كاملاً لتقديم موسم درامي قوي على غرار الممثل التركي؟
نعم،مستعد.
لكن الدراما التركية محكومة بالرايتنغ الأسبوعي لنسبة المشاهدة فإن لم يحقق بحلقاته الأولى نسبة مشاهدة عالية ويفشل في استقطاب المعلن والمشاهد يتم إيقافه عند الحلقة الخامسة أو العاشرة عكس المسلسلات العربية التي تصور كاملة ثم تعرض وفشل بعضها يتحمل كلفته المشاهد والقناة لا أبطاله ولا المنتج!
نظام عرض المسلسلات التركية فيه تحد كبير لصالح جودة ومستوى العمل الدرامي.
ما هو دافعك لقبول أي عمل درامي: النص أو الأجر أو اسم المخرج؟
النص هو الأهم عندي لدى اختياري العمل،وقبل الأجر واسم المخرج وأي عنصر آخر،فالنص الجيد يتيح لنا السيطرة على هفوات العمل عند حدوثها ،ولا يقبل أي مخرج جيد نصاً سخيفاً أو ضعيفاً،النص هو أساس العمل الناجح.
ما هو أقوى نص قدمته ووافقت عليه قبل مناقشتك الأجر والعناصر الأخرى؟
نص مسلسلي التاريخي "الحجاج" للكاتب الأردني الراحل جمال أبو حمدان.
مسلسلك "الحجاج" إنتاج المركز العربي والمنتج الأردني عدنان العوامله، فلماذا لم تستمر بتعاونك معهما في السنوات الأخيرة ؟
كان هناك مشروع فني لم نتفق على أجري فيه ثم توقفت أعمال المركز العربي لفترة لا بأس بها ثم عرض علي المنتج طلال العواملة منذ عام ونصف العام أداء دور "مالك بن الريب" لكني اعتذرت عنه لم شاركتي بأعمال أخرى،ولبدئي بتصوير "24 قيراط" .
قام النجم الأردني ياسر المصري بأداء دور مالك بن الريب بعد اعتذارك عنه فهل شاهدته؟
لا،ضيق الوقت،وانشغالي بتصوير "سمرقند" في رمضان منعني من مشاهدة مسلسل "مالك بن الريب" لكني معجب بياسر المصري لأنه ممثل جيد وواثق من قدرته على أداء شخصية مالك بن الريب كما يجب.
ما هي الأعمال الأخرى التي اعتذرت عنها في رمضان 2016؟
مسلسل "السلطان والشاه" اعتذرت عنه عندما عرض عليّ أداء دور السلطان سليم الأول والد السلطان سليمان القانوني وأداه الزميل سامر المصري.
حظك حلو لأنك لم تشارك فيه لتوقف إنتاجه فلم يعرض في رمضان؟
الدراما التاريخية تحتاج لمناخ خاص،ولا يصلح تصويرها في استوديوهات داخلية،والدراما التاريخية السورية تميزت بتصويرها الخارجي في قلاع وقصور حقيقية .
أوافقك الرأي بدليل أن جميع المسلسلات التركية التاريخية اعتمدت على التصوير الخارجي في قصور أثرية حقيقية وبالأخص "حريم السلطان"
"الحجاج" أهم من "حريم السلطان"،ونحن في سوريا قدمنا قبل عرض المسلسل التركي "حريم السلطان" حوالي 20 مسلسلاً تاريخياً مثل: "هولاكو" و"المرابطون والأندلس" و"الظاهر بيبرس" و"ملوك الطوائف" و"صلاح الدين" و"ربيع قرطبة" و"خالد بن الوليد" وأعمال أخرى.