mena-gmtdmp

هل القلب مضخة؟

أميمة عبد العزيز زاهد

 

ذُكر القلب في القرآن الكريم أكثر من مائة مرة، وهذا يشير إلى أهميَّة هذا العضو الذي سخره الله لنا، ولنقرأ ونتعرف ونتعلم دور القلب في الإيمان، والعاطفة، والتفكير، وكيف يمكن للقلب أن يفكر، ويعقل، ويفهم، ويتفقه، يتحدث بعض الباحثين اليوم عن دماغ في القلب، ويؤكدون أنَّ القلب يتألف من 40000 خليَّة عصبيَّة وهي خلايا معقدة جدًا لم يعرف العلماء حتى الآن بالتحديد طريقة عملها، وهذه الخلايا مسؤولة عن تخزين المعلومات، وهي مستودع للأحداث وبثها لكافة أنحاء الجسم، وبالتالي فهي أشبه بذاكرة الكمبيوتر التي لا يعمل من دونها. ويتحدثون عن الدور الكبير الذي يلعبه القلب في عمليَّة الفهم والإدراك وفقه الأشياء من حولنا، أي أنَّ ما نسميه «العقل» موجود في مركز القلب، وهو الذي يقوم بتوجيه الدماغ لأداء مهامه، ففي القلب مركز التفكير والإدراك، ولذلك أكد لنا الله تعالى أنَّ كل شيء موجود في القلب، وأنَّه سبحانه يختبر ما في قلوبنا. قال تعالى: «وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ».
 
وعن ربط القلب في التعلّم قال تعالى «وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ». فالقلب ليس مجرد مضخة للدم، وهو يقوم بتخزين المعلومات، ويضخ الأوامر لجميع أجزاء الجسد، بل ويهيمن على الجسد قال تعالى: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»، وقال: «أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ» وقال: «لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا»، وقال: «أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ».
 
وقال «وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ». ونستنتج من تلك الآيات العظيمة أنَّ الله تعالى حدَّد عمل القلب فالقلب يطمئن، ويمرض، ويخشع، ويخاف، ويفكر، ويعقل، ويقسو، ويلين، وبدأ بعض الباحثين بملاحظة ظاهرة غريبة ومحيرة لم يجدوا لها تفسيرًا. إنها ظاهرة تغير الحالة النفسيَّة للمريض بعد عمليَّة زرع القلب، وهذه التغيرات عميقة لدرجة أنَّ المريض بعد أن يتم استبدال قلب طبيعي أو قلب اصطناعي بقلبه تحدث لديه تغيرات نفسيَّة عميقة، بل إنَّ التغيرات تحدث أحيانًا في معتقداته، وما يحبّه ويكرهه، بل وتؤثر في إيمانه أيضًا، وهذا يعطي مؤشرًا على أنَّ الإيمان يكون بالقلب. قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ».
 
إلهي يا مقلب القلوب ثبتنا ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا.